للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥)}

الشرح: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} أي: بنصب الحجج، وإرسال الرسل، والتوفيق للنظر والتدبر، و (هدى) كما يعدى ب‍ «إلى» لتضمنه معنى الانتهاء يعدى باللام للدلالة على أن المنتهي غاية الهداية، وأنها لم تتوجه نحوه، على سبيل الاتفاق؛ ولذلك عدي بها ما أسنده إلى الله، فإن لم يجيبوا، وبالطبع هم عاجزون؛ فأجبهم بقولك. {قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ..}. إلخ أي: إن الله هو الذي يهدي إلى الحق، فهو أحق بالاتباع، لا هذه الأصنام، التي لا تهتدي إلا أن تهدى، ومثله حال أشراف شركائهم، كالملائكة، والمسيح، وعزير، وكل من عبد من دون الله، هذا؛ والفعل {يَهْدِي}: يقرأ بست قراءات. {فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}: هذا توبيخ وتقريع وإنكار، أي: ما بالكم ترضون بعبادة من لا ينفع ولا يضر؟ مع أن العقول السليمة لا ترضى بذلك، ولا تقره!.

تنبيه: قال الخازن-رحمه الله تعالى-فإن قلت: الأصنام جماد لا تتصور هدايتها، ولا أن تهدي غيرها، فكيف قال: {إِلاّ أَنْ يُهْدى؟} قلت: ذكر العلماء عن هذا السؤال وجهين:

الأول: أن معنى الهداية في حق الأصنام الانتقال من مكان إلى مكان، فيكون المعنى: أنها لا تنتقل من مكان إلى مكان آخر، إلا أن تحمل، وتنقل، فبين سبحانه وتعالى بهذا عجز الأصنام.

الثاني: أن ذكر الهداية في حق الأصنام على وجه المجاز، وذلك أن المشركين لما اتخذوا الأصنام آلهة، وأنزلوها منزلة من يسمع ويعقل؛ عبر عنها بما يعبر به عمن يسمع ويعقل ويعلم.

الإعراب: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ}: انظر إعراب مثل هذا الكلام في الآية السابقة {قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} انظر إعراب مثلها في الآية السابقة {أَفَمَنْ..}. إلخ، الهمزة: حرف استفهام. الفاء: حرف عطف. (من): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، وجملة: {يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ}: صلة الموصول لا محل لها. {أَحَقُّ}: خبر المبتدأ، والمصدر المؤول من {أَنْ يُتَّبَعَ}: في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير بالاتباع، وإن شئت اعتبرت المصدر في محل رفع على البدل من (من)، وهو بدل الاشتمال، وأجاز أبو البقاء اعتبار المصدر المؤول مبتدأ مؤخرا، و {أَحَقُّ} خبرا مقدما، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ (من)، والجملة الاسمية: {أَفَمَنْ..}. إلخ: مستأنفة لا محل لها. {أَمَّنْ}: (أم): حرف عطف، وهي متصلة. (من): مبتدأ، وجملة: {لا يَهِدِّي}: صلة الموصول لا محل لها، وخبر المبتدأ محذوف لدلالة ما قبله عليه؛ إذ التقدير: أم الذي لا يهدي أحق أن يتبع، وهذا من تمام المعادل،

<<  <  ج: ص:  >  >>