للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، والياء المحذوفة ضمير في محل جر بالإضافة، وحذف الياء هذه إنما هو بالنداء خاصة؛ لأنه لا لبس فيه، ومنهم من يثبت الياء الساكنة، فيقول: يا ربّي، ومنهم من يثبتها ويحركها بالفتحة، فيقول:

يا ربّي، ومنهم من يقلبها ألفا بعد فتح ما قبلها، فيقول: يا ربّا، ومنهم من يقول: يا ربّ بضم الباء، ففيه خمس لغات، ويزاد سادسة، وهي حذف الياء بعد قلبها ألفا، وإبقاء الفتحة على الباء دليلا عليها، فيقول: يا ربّ.

{اِجْعَلْ:} فعل دعاء، وفاعله مستتر فيه. {هَذَا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {الْبَلَدَ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه. {آمِناً:} مفعول به ثان، (اجنبني): فعل دعاء، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به. (بنيّ): معطوف على ياء المتكلم، فهو منصوب أيضا، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، وياء المتكلم المدغمة ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وأجيز اعتباره مفعولا معه، وليس بشيء، والمصدر المؤول من {أَنْ نَعْبُدَ} في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: عن عبادة، أو هو منصوب بنزع الخافض، أو هو مفعول به ثان على التوسع. {الْأَصْنامَ:} مفعول به، والجمل في الآية كلها في محل نصب مقول القول، والكلام مستأنف لا محل له.

{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)}

الشرح: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ:} وهذا مجاز؛ لأن الأصنام جمادات، وحجارة، لا تعقل شيئا حتى تضل من عبدها، إلا أنه لما حصل الإضلال بسبب عبادتها؛ أضيف إليها، كما تقول: فتنتهم الدنيا بزينتها، وغرتهم بزخرفها، وإنما فتنوا، واغتروا بسببها؛ لأن المضل والهادي في الحقيقة إنما هو الله تعالى، وينسب الإضلال للعبد كسبا، انظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٩] من سورة (الرعد).

{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} أي: فمن تبعني على ديني واعتقادي، فإنه من المتدينين بديني المتمسكين بحبلي، كما قال الشاعر: [الوافر]

إذا حاولت في أسد فجورا... فإنّي لست منك، ولست منّي

{وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:} قال السدي: ومن عصاني ثم تاب، فإنك غفور رحيم، وقال مقاتل: ومن عصاني فيما دون الشرك؛ فإنك غفور رحيم؛ إن شئت أن تغفر له؛ غفرت إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>