للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نبينا، وعليهما ألف صلاة، وألف سلام، وقد توفي في فلسطين، ودفن في بلدة الخليل، وقبره موجود فيها، وله مشهد عظيم.

تنبيه: حكى القرآن الكريم عن إبراهيم الخليل عليه السّلام في الآية رقم [١٢٦] من سورة (البقرة): أنه قال: {رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً} وحكى عنه قوله هنا: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً} والفرق بينهما أنه سأل في الأول: أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها، ولا يخافون، وسأل في الثاني: أن يخرج هذا البلد من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن، كأنه قال: هو بلد مخوف فاجعله آمنا. انتهى. خازن بتصرف.

هذا والرب يطلق، ويراد به السيد والمالك، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول يوسف عليه السّلام: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ..}. إلخ، وأيضا قوله: {أَمّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً..}. إلخ كما يقال:

ربّ الدار، وربّ الأسرة؛ أي: مالكها، ومتولي شئونها، كما يراد به المربي والمصلح، يقال:

رب فلان الضيعة يربها إذا أصلحها، والله سبحانه وتعالى مالك العالمين، ومربيهم، وموصلهم إلى كمالهم شيئا فشيئا، يجعل النطفة علقة، ثم يجعل العلقة مضغة، ثم يجعل المضغة عظما، ثم يكسو العظام لحما، ثم يصوره، ويجعل فيه الروح، ثم يخرجه خلقا آخر، وهو ضعيف صغير، فلا يزال ينميه، وينشيه؛ حتى يجعله رجلا، أو امرأة كاملين، ولا يطلق الرب على غير الله تعالى إلا مقيدا بالإضافة، مثل قولك: رب الدار، ورب الناقة، ونحو ذلك، والرب المعبود بحق، وهو المراد منه تعالى عند الإطلاق، ولا يجمع إذا كان بهذا المعنى، ويجمع إذا كان معبودا بالباطل، قال تعالى حكاية عن قول يوسف عليه السّلام لصاحبي السجن: {أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ} كما يجمع إذا كان بأحد المعاني السابقة، قال الشاعر: [الطويل]

هنيئا لأرباب البيوت بيوتهم... وللآكلين التّمر مخمس مخمسا

وهو اسم فاعل بجميع معانيه، أصله رابب، ثم خفف بحذف الألف، وإدغام أحد المثلين في الآخر.

تنبيه: قال مكي بن أبي طالب القيسي: ونداء الرب قد كثر حذف (يا) النداء منه في القرآن الكريم، وعلة ذلك: أن في حذفها من نداء الرب فيه معنى التعظيم له والتنزيه، وذلك أن النداء فيه ضرب من معنى الأمر؛ لأنك إذا قلت: يا زيد فمعناه تعال يا زيد، أدعوك يا زيد، فحذفت (يا) من نداء الرب ليزول معنى الأمر، وينقص؛ لأن (يا) تؤكده، وتظهر معناه، فكان في حذف (يا) التعظيم والإجلال والتنزيه للرب تعالى، فكثر حذفها في القرآن والكلام في نداء الرب لذلك المعنى.

الإعراب: {وَإِذْ:} الواو: حرف استئناف. (إذ): ظرف متعلق بفعل محذوف، تقديره:

اذكر، أو هو مفعول به لهذا المحذوف، فهو مبني على السكون في محل نصب، وهو الأقوى، وجملة: {قالَ إِبْراهِيمُ} في محل جر بإضافة (إذ) إليها. {رَبِّ:} منادى حذف منه حرف النداء

<<  <  ج: ص:  >  >>