للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلخ في محل رفع خبر (لكن)، والجملة الاسمية: {وَلكِنَّكُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا. وقيل: في محل نصب حال، ولا وجه له.

{فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)}

الشرح: {فَيَوْمَئِذٍ} أي: يوم قامت الساعة، وحلف المشركون كاذبين، ورد عليهم الملائكة والمؤمنون، وبينوا كذبهم. {لا يَنْفَعُ الَّذِينَ..}. إلخ: يقرأ الفعل بالتاء، والياء؛ لأن الفاعل هو (معذرة) وهو مؤنث مجازي، وما كان منه يجوز تأنيث فعله، وتذكيره، والمعذرة: الاعتذار، فهي مصدر ميمي، من: عذره رفع عنه اللوم، والمؤاخذة، والذنب، أو قبل عذره.

{وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} أي: لا يدعون إلى ما يقتضي إعتابهم؛ أي: إزالة عتبهم من التوبة، والطاعة، كما دعوا إليه في الدنيا؛ حيث ندبهم الله في كثير من الآيات إلى التوبة، والطاعة، وحضّهم في كثير من الآيات على الاستغفار، والإيمان به. من قولهم: استعتبني فلان، فأعتبته؛ أي: استرضاني فأرضيته. وجملة القول: لا يقال لهم يوم القيامة: أرضوا ربكم بتوبة، وطاعة، ومثله قوله تعالى في الآية رقم [٣٥] من سورة (الجاثية): {فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} وقال تعالى في سورة (النحل) رقم [٨٤]: {ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} وقال تعالى في سورة (فصلت) رقم [٢٤]: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} وخذ قول أبي الأسود، وهو الشاهد [٩٦٠] من كتابنا «فتح القريب المجيب»: [المتقارب] فألفيته غير مستعتب... ولا ذاكر الله إلاّ قليلا

هذا؛ والاستعتاب: طلب العتاب. والمعتبة: هي الغلظة، والموجدة التي يجدها الإنسان في نفسه على غيره، والرجل إنما يطلب العتاب من خصمه ليزيل ما في نفسه عليه من الموجدة، والغضب، ويرجع إلى الرضا عنه، وإذا لم يطلب العتاب من خصمه دل ذلك على أنه ثابت على غضبه عليه، قال النابغة الذبياني: [الطويل] فإن كنت مظلوما فعبدا ظلمته... وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب

هذا؛ وقد قال الله تعالى في سورة (غافر) رقم [٥٢]: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ}. وفي المصباح المنير: عتب عليه عتبا من باب: ضرب، وقتل، ومعتبا أيضا: لامه في سخط، فهو عاتب، وعتّاب مبالغة، وبه سمي، ومنه عتّاب بن أسيد الصحابي -رضي الله عنه-وعاتبه معاتبة، وعتابا. قال الخليل: حقيقة العتاب: مخاطبة الإدلال، ومذاكرة الموجدة. وأعتبني: الهمزة للسلب؛ أي أزال الشكوى، والعتاب. واستعتب: طلب الإعتاب، والعتبى: الاسم من الإعتاب. انتهى. جمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>