للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المصدرية، كما ذهبا إليه، لكن الناصب له عندهم الفعل المذكور، وهو: {تَأْتِيَهُمْ} لتأوله بفعل من لفظ المصدر، والتقدير: تأتيهم آتية. انتهى. شرح ابن عقيل. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز]

ومصدر منكّر حالا يقع... بكثرة كبغتة زيد طلع

وهو تعبير عن مذهب سيبويه، والجمهور. {وَهُمْ:} الواو: واو الحال. (هم): مبتدأ.

{إِلاَّ:} نافية. {يَشْعُرُونَ:} مضارع، وفاعله، ومتعلقه محذوف، التقدير: لا يشعرون بإتيانها.

والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الفاعل المستتر، والرابط: الواو، والضمير، والجملة الفعلية: {هَلْ يَنْظُرُونَ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها.

{الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧)}

الشرح: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ:} يوم القيامة، و {الْأَخِلاّءُ:} جمع خليل، وهو الصديق الذي صفت مودته، فتجد من خلاله مثل ما يجد من خلالك، ويسعى لمصلحتك كما يسعى لمصلحته، بل قد يؤثرك على نفسه، ويبذل روحه من أجلك، كما قال ربيعة بن مقروم الضبي: [الوافر]

أخوك أخوك من يدنو وترجو... مودّته وإن دعي استجابا

إذا حاربت حارب من تعادي... وزاد سلاحه منك اقترابا

وهو معدوم في هذا الزمن، الذي فسد أهله، وصاروا خلاّ ودودا، كما قال القائل: [الوافر]

سألت الناس عن خلّ ودود... فقالوا الناس من خلّ ودود

فقلت أليس فيهم ذو وفاء؟ ... فقالوا كان ذلك في الجدود

احفظ البيتين، ولا تنس ما فيهما من الجناس التام، لذا فإنه لا وجود للصديق بالمعنى الحقيقي، بل صار وجوده مستحيلا، كما قال القائل، وهو صفي الدين الحلّي: [الكامل]

قد قيل إن المستحيل ثلاثة... الغول والعنقاء والخلّ الوفي

{بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} أي: أعداء، يعادي بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، وذلك لانقطاع العلق الدنيوية التي كانت بينهم على معصية الله، ومحاربة الله ورسوله؛ لأنّ كل صداقة ومحبة مبنية على ذلك نتيجتها العداوة، والبغضاء في الدنيا، وفي الآخرة، وكل صداقة مبنية على طاعة الله وطاعة رسوله، فإنها تدوم، وتصفو، كما قال علي-رضي الله عنه-: [الوافر]

وكلّ محبة لله تصفو... ولا يصفو على الفسق الإخاء

<<  <  ج: ص:  >  >>