الشرح: لما علم قوم لوط بوجود الرسل عنده؛ أقبلوا؛ وهم فرحون طمعا منهم في ركوب الفاحشة التي اعتادوها، وامرأة لوط هي التي أخبرت القوم بالرسل، فقال لوط-عليه السّلام-:
إن هؤلاء حلّوا ضيوفا عندي، وواجب علي أن أكرمهم، وأن أدافع عنهم ما استطعت، ومن أسيء إلى ضيفه فقد أسيء إليه، وخذلان الضيف فضيحة يفشو أمرها بين الناس، ثم قال لهم:
اتقوا الله، وخافوه، ولا تخزوني بالإساءة إلى أضيافي! وما أجدرك أن تنظر المزيد من ذلك في الآية رقم [٧٨] من سورة (هود) عليه السّلام، وينبغي أن تعلم: أنّ الفعل: «جاء» يكون لازما، إن كان بمعنى: حضر وأقبل، ويكون متعديا إن كان بمعنى: وصل وبلغ، ومثله:«أتى» والآيات التي بين يديك توضح ذلك، وربك أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَجاءَ:} الواو: حرف عطف. (جاء): ماض. {أَهْلُ:} فاعله، وهو مضاف، و {الْمَدِينَةِ:} مضاف إليه. {يَسْتَبْشِرُونَ:} مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومتعلقه محذوف، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {أَهْلُ الْمَدِينَةِ،} وجملة: {وَجاءَ..}. إلخ معطوفة على جملة: {(قَضَيْنا...)} إلخ لا محل لها مثلها. {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى (لوط). {إِنَّ:}
حرف مشبه بالفعل. {هؤُلاءِ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب اسم {إِنَّ،} والهاء حرف تنبيه لا محل له. {ضَيْفِي:} خبر {إِنَّ} مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع.. إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية: في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. الفاء: حرف عطف على رأي: من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر. (لا): ناهية جازمة. {تَفْضَحُونِ:} مضارع مجزوم ب: (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والنون للوقاية، وحذفت ياء المتكلم للتخفيف، وكسرة النون دليل عليها، والجملة:{فَلا تَفْضَحُونِ} لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم؛ إذ التقدير: وإذا كان ذلك هو الواقع فلا تفضحون بانتهاك حرمة ضيفي، والشرط المقدر ومدخوله في محل نصب مقول القول. {وَاتَّقُوا:} أمر مبني على حذف النون... إلخ والواو فاعله، والألف للتفريق. {اللهَ:} منصوب على التعظيم، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول، وإعراب {وَلا تُخْزُونِ} مثل إعراب {فَلا تَفْضَحُونِ} بلا فارق، وهي معطوفة على ما قبلها. تأمل، وتدبر.