للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثله بدل منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {مُقَرَّنِينَ:} صفة لما قبله منصوب مثله. وفيه، وفي سابقه ضمائر مستترة؛ لأن الثلاثة الأول اسم فاعل، وهذا اسم مفعول. {فِي الْأَصْفادِ:} متعلقان بما قبلهما.

{هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠)}

الشرح: {هذا عَطاؤُنا} أي: هذا الذي أعطيناك من الملك والبسطة، والتسلط على ما لم يتسلط عليه غيرك عطاؤنا. {فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ:} أعط من شئت، أو امنع من شئت، لا حساب عليك. قال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: ما أنعم الله على أحد نعمة إلا عليه فيها تبعة إلا سليمان عليه السّلام، فإن الله تعالى يقول: {هذا عَطاؤُنا..}. إلخ. وقيل: الإشارة إلى تسخير الشياطين. والمراد: بالمن والإمساك: إطلاقهم، أو إبقاؤهم في القيد. وقال قتادة: الإشارة إلى ما أعطيه من القوة، والجماع، وعلى هذا {فَامْنُنْ} من المنيّ، هذا قول مضروب به عرض الحائط، والنقل عن ابن عباس مكذوب عليه. قال أبو حيان-رحمه الله تعالى-: ولعله لم يصح عن ابن عباس-رضي الله عنهما-لأنه لم يجر هنا ذكر النساء، ولا ما أوتي من القدرة على ذلك.

{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى:} له قربة في الدنيا، ومكانة عند الله يوم القيامة. {وَحُسْنَ مَآبٍ:} حسن مرجع ومنقلب وهو الجنة. وانظر الآية رقم [٢٥]. ولا تنس: المطابقة، والمقابلة بين: امنن، وأمسك، وهي من المحسنات البديعية.

الإعراب: {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {عَطاؤُنا:} خبره. و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم المصدر لفاعله، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: وقلنا له هذا عطاؤنا.

{فَامْنُنْ:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر. (امنن): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {أَوْ:} حرف عطف. {أَمْسِكْ:} فعل أمر. وفاعله مستتر تقديره: «أنت».

ومتعلق الفعلين محذوف. والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير:

وإذا كان ذلك حاصلا لك؛ فامنن، أو أمسك. {بِغَيْرِ:} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنهما متعلقان ب‍: {عَطاؤُنا} أي: أعطيناك بغير حساب ولا تقدير. وهذا دلالة على كثرة الإعطاء. الثاني:

أنهما متعلقان بمحذوف حال من: {عَطاؤُنا} أي: في حال كونه غير محاسب عليه؛ لأنه كثير يعسر على الحساب ضبطه. الثالث: أنه متعلق ب‍: (امنن) أو {أَمْسِكْ،} ويجوز أن يكونا متعلقين بمحذوف حال من فاعلهما؛ أي: حال كونك غير محاسب عليه. انتهى. جمل نقلا عن السمين. {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ} انظر الآية رقم [٢٥] ففيها الكفاية. والجملة الاسمية هنا في محل نصب حال من (نا) في (سخرنا)، والرابط: الواو، والضمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>