للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي شهد ببلاغته، وفصاحته أعداؤه قبل أنصاره، قارن بين القرآن والسّنّة؛ تجد الفرق شاسعا، والبون بعيدا، كطرق ما بين السماء والأرض. فبلاغة القرآن ونضارته، وإشراقته في أعلى طبقات الإحسان، وأرفع درجات الإيجاز، والبيان. تأمّل قوله صلّى الله عليه وسلّم في صفة الجنة، وما فيها من نعيم، وخلود: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر». وقارن بين هذه الألفاظ على روعتها وبين قوله تعالى في وصف نعيم أهل الجنة: {وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} وقوله تعالى في سورة (السجدة): {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} فهذا أعدل وزنا، وأحسن تركيبا، وأعذب لفظا، وأجزل عبارة، وأقلّ حروفا، ووازن بين قوله صلّى الله عليه وسلّم: «كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته، الرّجل راع...» إلخ الحديث، وبين قوله تعالى في سورة (الحجر): {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ،} وقوله في سورة (الأعراف): {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} تجد أن كلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم على بلاغته لا يخرج عن كونه كلام بشر في الذروة العليا من الكلام، أمّا كلام الله تعالى فلا يشبهه كلام؛ لأنه كلام خالق البشر.

الإعراب: {يُطافُ:} فعل مضارع مبني للمجهول. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل رفع نائب فاعله. {بِصِحافٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. {مِنْ ذَهَبٍ:} متعلقان بمحذوف صفة: (صحاف). {وَأَكْوابٍ:} معطوف على:

(صحاف)، ومتعلقه محذوف، وجملة: {يُطافُ..}. إلخ قبلها كلام محذوف، التقدير: فإذا دخلوها؛ يطاف عليهم فيها... إلخ. {وَفِيها:} الواو: واو الحال، أو هي حرف عطف.

(فيها): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. {تَشْتَهِيهِ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والهاء مفعول به. {الْأَنْفُسُ:} فاعله، والجملة الفعلية صلة: {ما،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط: الضمير المنصوب، وجملة: {وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} معطوفة عليها، وإن اعتبرتها معطوفة على جملة: {يُطافُ..}. إلخ فلست مفندا، والاستئناف أيضا ممكن، ولكن الحالية أقوى. {وَأَنْتُمْ:} مبتدأ. {فِيها:} متعلقان بما بعدهما. {خالِدُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها على جميع الوجوه المعتبرة فيها.

{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢)}

الشرح: أي: يقال لهم: هذه تلك الجنة التي كانت توصف لكم في الدنيا. وقال ابن خالويه: أشار تعالى إلى الجنة بتلك، وإلى جهنم بهذه، ليخوف بجهنم، ويؤكد التحذير منها،

<<  <  ج: ص:  >  >>