للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وما كان جورا؛ فهو باطل، لا يجوز، وأمّا فعل الصديق-رضي الله عنه-فلا يعارض به قول النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولعلّه كان قد نحل أولاده نحلا يعادل ذلك.

والّذي يرجّح المنع، بل والتحريم ما ينشأ عن ذلك من العقوق؛ الّذي هو أكبر الكبائر، وزرع الضغينة، والحقد، والحسد بين الأولاد، وهذا واقع في حياتنا، ولذلك قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

«اتّقوا الله، واعدلوا بين أولادكم».

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله يحبّ أن تعدلوا بين أولادكم ولو في القبل». قال النّعمان-رضي الله عنه-فرجع أبي فردّ تلك الصّدقة. فليتق الله المسلم، وليكن ضابطا لعواطفه حتّى لا يجرّ الشّقاء على ورثته من بعده. والشقي من اتّعظ به غيره، والسّعيد من اتّعظ بغيره.

الإعراب: {أَفَحُكْمَ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. والفاء: حرف عطف. و (حكم):

مفعول به مقدّم على ناصبه، وهو مبتدأ على رفعه، وهو مضاف، و {الْجاهِلِيَّةِ:} مضاف إليه من إضافة المصدر، أو اسم الفاعل لفاعله. {يَبْغُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ على رفع: (حكم) ويكون قد حذف الرابط، وهو المفعول به، كما حذفه أبو النّجم العجلي في قوله-وهو الشاهد رقم [٣٦٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الرجز]

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي... عليّ ذنبا كلّه لم أصنع

فتكون الجملة اسمية. وسواء كانت الجملة اسمية، أم فعلية فهي مستأنفة، لا محلّ لها.

وقال الزمخشري، ومتابعوه: الجملة على الوجهين معطوفة على جملة محذوفة، التقدير: أيتولون عن حكمك، فيبغون حكم الجاهلية؟! {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم استفهام معناه النفي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَحْسَنُ:} خبره، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب‍: {أَحْسَنُ}. {حُكْماً:} تمييز. {لِقَوْمٍ:} متعلقان ب‍:

{حُكْماً} أو بمحذوف صفة له. {يُوقِنُونَ:} فعل مضارع وفاعله، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية في محلّ جرّ صفة: (قوم).

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (٥١)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [١]. أمّا المناسبة بين هذه الآية وما يتلوها من آيات، وبين ما تقدّم؛ فإنّ الله تعالى لمّا حكى عن أهل الكتاب: أنّهم تركوا العمل بالتّوراة، والإنجيل، وحكم عليهم بالكفر، والظلم، والفسوق؛ حذّر الله تعالى في هذه الآيات من موالاة

<<  <  ج: ص:  >  >>