للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلا، فقال: {فَإِذا جاءَتِ..}. إلخ. {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى} أي: ما عمل من خير، أو شر؛ وكان قد نسي ما عمل؛ وقد قال تعالى: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ} آخر سورة (النبأ).

{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى} أي: ظهرت لكل من ينظر. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يكشف عنها تتلظى، فيراها كلّ ذي بصر لظهورها ظهورا بينا من المؤمنين، والكفار، إلا أن الجحيم مكان الكفار، ومأواهم، والمؤمنون يمرّون عليها، وهذا يؤيده قوله تعالى في سورة (مريم):

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا} ولا ينافيه قوله تعالى في سورة (الشعراء) رقم [٩١]: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ} لأنها برزت للغاوين بالمكث فيها، وللمؤمنين بمرورهم عليها.

الإعراب: {فَإِذا:} الفاء: حرف استئناف. (إذا): انظر الآية رقم [١١]. {جاءَتِ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {الطَّامَّةُ:} فاعله. {الْكُبْرى:} صفة {الطَّامَّةُ} مرفوع مثله، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح، وجوابها محذوف. إذ التقدير: إذا جاءت الطامة الكبرى؛ دخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة. و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له. {يَوْمَ:} ظرف زمان بدل من (إذا).

{يَتَذَكَّرُ:} فعل مضارع. {الْإِنْسانُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها.

{ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {سَعى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {الْإِنْسانُ،} والجملة الفعلية صلة {ما} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: يتذكر الإنسان الذي، أو شيئا سعاه. هذا؛ وإن اعتبرت (ما) مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به. التقدير: يتذكر الإنسان سعيه. (برزت): فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث. {الْجَحِيمُ:} نائب فاعله.

{لِمَنْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {يَرى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل يعود إلى (من) وهو العائد، وهو لازم؛ لأنه بمعنى: ينظر، ويبصر، والجملة الفعلية صلة (من) أو صفتها على اعتبارها نكرة موصوفة، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {جاءَتِ..}. إلخ فهي في محل جر مثلها. قاله الجمل. وأرى جواز اعتبارها في محل نصب حال من {الْإِنْسانُ،} أو من {ما،} والرابط: الواو فقط، وهي على تقدير «قد» قبلها.

{فَأَمّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١)}

الشرح: {فَأَمّا مَنْ طَغى} أي: تجاوز الحد في الكفر، والعصيان، والفساد، والإفساد.

{وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا:} فضلها على الآخرة بأن عمل لها، وانهمك في حطامها الفاني، ولم يقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>