للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد هذا خذ آية الكهف رقم [٥٧] فإنها أبلغ في الزجر، وآلم في التقريع، والتوبيخ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً}.

الإعراب: {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَظْلَمُ:} خبره، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{مِمَّنْ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {أَظْلَمُ،} و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر ب‍: (من). {ذُكِّرَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله مستتر تقديره: «هو» يعود إلى: (من)، وهو العائد، أو الرابط. {بِآياتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (آيات) مضاف، و {رَبِّهِ} مضاف إليه. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية: {ذُكِّرَ..}. إلخ صلة: (من) أو صفتها، وجملة: {أَعْرَضَ عَنْها} معطوفة عليها. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {مِنَ الْمُجْرِمِينَ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما.

{مُنْتَقِمُونَ:} خبر: (إن) مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية: {إِنّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣)}

الشرح: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ:} التوراة. {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ:} في ريب، وشك.

{مِنْ لِقائِهِ:} من لقاء كتاب موسى، ومعناه: إنا آتينا موسى-عليه السّلام-مثل ما آتيناك من الكتاب، ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحي، فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله، ولقيت نظيره، كقوله تعالى في سورة (يونس) رقم [٩٤]: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ}.

أو المعنى: فلا تكن في شك من لقاء موسى الكتاب. أو المعنى: فلا تكن في شك من لقائك موسى، عليك يا محمد، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وهذا اللقاء كان في ليلة الإسراء والمعراج. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-فعنه-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «رأيت ليلة أسري بي موسى رجلا آدم طوالا جعدا، كأنّه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلا مربوعا، مربوع الخلق إلى الحمرة، وإلى البياض، سبط الشعر، ورأيت مالكا خازن النار، والدجّال في آيات أراهنّ الله إيّاه». متفق عليه. {وَجَعَلْناهُ:} في هذا الضمير وجهان، كما في سابقه: أحدهما:

<<  <  ج: ص:  >  >>