للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الْكاذِبِينَ} ظنا منهم أن الله تعالى، لا يرسل إلى البشر هداة منهم، جهلا منهم بأن الله أعلم حيث يجعل رسالته.

وكان من شدة حماقتهم أن يطلبوا من شعيب أن يسقط عليهم كسفا من السماء-أي: قطعة منها-إن كان من الصادقين، ولشدة جهلهم لم يطلبوا الهداية إلى الحق، ولم يتعظوا بما حصل لأهل مدين من الهلاك، فأخذهم عذاب يوم الظلة، بأن سلط الله عليهم الحر سبعة أيام حتى غلت مياههم، ثم ساق إليهم غمامة فاجتمعوا للاستظلال بها من وهج الشمس، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا. انتهى. قصص الأنبياء للنجار بتصرف.

أقول: قد أشار الله إلى هؤلاء القوم في سورة (الحجر) بآيتين فقط، وفصّلها في سورة (الشعراء) تفصيلا وافيا من آية رقم [١٧٦] إلى آية رقم [١٩١].

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧)}

الشرح: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا}: هذه قصة سابعة ذكرت في هذه السورة الكريمة بعد ذكر قصة نوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وشعيب، وقد ذكرت هذه القصص في سورة (الأعراف) على هذا الترتيب، من غير تعرض لقصة إبراهيم عليه السّلام هناك، وقصة موسى مع فرعون ذكرت هنا بإيجاز هو شبيه بالإشارة إليها، بينما ذكرت في سورة (الأعراف) بالتفصيل الوافي الكافي، والمراد بالآيات المعجزات التي ذكرها ربنا جل علاه في سورة (الأعراف) منها ثمانية في (الأعراف)، والتاسعة في سورة (يونس)، وهي الطمس على الأموال والشدة على القلوب، الآية رقم [٨٨]. {وَسُلْطانٍ مُبِينٍ}: هو المعجزات الباهرة منها، أو هي العصا خاصة، والإفراد بالذكر لإظهار شرفها؛ لكونها أكبرها، وأعظمها، أو المراد بالآيات ما عداها، أو هما عبارة عن شيء، أي: أرسلناه بالبرهان الجامع بين كونه آياتنا، وبين كونه سلطانا له على نبوته، واضحا في نفسه، أو موضحا إياها. {إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} أي: اتبعوا طريقة فرعون المعوجة، وأعرضوا عن طريقة موسى الرشيدة الداعية إلى الخير والهدى، والإحسان، والإيمان. {وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} أي: بسديد يؤدي إلى صواب، أو بمرشد إلى خير، بل هو غي محض وضلال خالص؛ لأنه منهمك في الكفر والطغيان الداعي إلى ما لا يخفى فساده.

بعد هذا {مُوسى}: أصله: موشى بالشين مركب من اسمين: الماء والشجر، فالماء يقال له في العبرانية: (مو)، والشجر يقال له: (شا) فعربته العرب، وقالوا: موسى بالسين، وسبب تسميته بذلك: أن امرأة فرعون التقطته من نهر النيل بين الماء والشجر، لما رمته أمه فيه، كما هو مذكور في سورة (طه) والقصص هذا؛ و {مُوسى} هو ابن عمران، بن قاهت، بن لاوي، بن يعقوب، بن إسحاق، بن إبراهيم، على نبينا، وعليهم ألف ألف صلاة، وألف ألف سلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>