للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥)}

الشرح: {يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ:} انظر الآية السابقة. {وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ..}. إلخ: قال الزجاج رحمه الله تعالى: هذا الآية: أبين حجة على اليهود، والنصارى:

إذا التوراة، والإنجيل أنزلا من بعده، وليس فيهما اسم لواحد من الأديان، واسم الإسلام في كلّ كتاب؛ فكيف يكون يهوديّا، أو نصرانيّا، واليهودية، والنصرانية إنما حدثتا بعد إبراهيم بزمن طويل؟! {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي: أفلا تفهمون بطلان قولكم، ودحوض حجتكم يا معشر اليهود، والنصارى؛ حتى لا تجادلوا هذا الجدال المحال.

هذا؛ و ({أَهْلَ}): اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: معشر، ورهط. والأهل: العشيرة وذو القربى، ويطلق على الزوجة، والأتباع، والجمع: أهلون، وأهال، وآهال، وأهلات، وأهلات. وبالأوّلين قرئ قوله تعالى في سورة (التّحريم): {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ}.

{لِمَ:} كلمة مؤلفة من حرف، واسم، فالحرف: اللام الجارة، والاسم: ({ما}) الاستفهامية. وقد حذفت ألفها، كما تحذف مع كلّ جار، نحو قوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها،} {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ،} {*عَمَّ يَتَساءَلُونَ،} {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ،} وذلك للفرق بين الموصولة، والاستفهامية، ويقال: للفرق بين الخبر، والاستخبار. ومن شواهدها الشعرية قول الكميت وهو الشاهد رقم [٥٥٤] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الطويل]

فتلك ولاة السّوء قد طال مكثهم... فحتّام حتّام العناء المطوّل؟

وأيضا عمر بن معد يكرب-رضي الله عنه-وهو الشاهد رقم [٢٥٠] من كتابنا المذكور: [الطويل]

علام تقول الرّمح يثقل عاتقي... إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت

وقد ثبتت ألفها مع دخول الجار عليها في ضرورة الشّعر، ومنه قول حسان بن ثابت-رضي الله عنه-يهجو رجلا من بني مخزوم، وهو الشاهد رقم [٥٥٦] من الكتاب المذكور: [الوافر]

على ما قام يشتمني لئيم... كخنزير تمرّغ في دمان

الإعراب: {يا أَهْلَ الْكِتابِ:} انظر الآية السابقة، والجملة الندائية مستأنفة لا محل لها.

{لِمَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف المحذوفة للفرق بين الخبر، والاستخبار. {تُحَاجُّونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون،

<<  <  ج: ص:  >  >>