{فَسَوْفَ نُصْلِيهِ:} ندخله، فيحترق بحرّ نار جهنم. فهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، فليحذر منه كلّ عاقل لبيب ممّن ألقى السّمع وهو شهيد. ويقرأ الفعل بفتح النون على أنّه مأخوذ من: صلي نارا، وبضمّها على أنّه مأخوذ من: أصلى، ويقرأ بالياء على أنّ الفاعل يعود إلى الله.
{وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً:} سهلا لينا هينا؛ لأنّ الله تعالى قادر على كلّ شيء، لا يعجزه شيء في الأرض، ولا في السماء.
الإعراب: {وَمَنْ:} حرف استئناف. ({مَنْ}): اسم شرط جازم مبني على السكون في محلّ رفع مبتدأ. {يَفْعَلْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى ({مَنْ}). {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محلّ له.
{عُدْواناً:} حال من فاعل: {يَفْعَلْ} المستتر، وهو مصدر بمعنى: معتديا. وقيل: هو مفعول لأجله. ({ظُلْماً}): معطوف عليه. {فَسَوْفَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (سوف): حرف تسويف، واستقبال. {نُصْلِيهِ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: نحن، أو هو حسب القراءات، والهاء مفعول به أول. {ناراً:}
مفعول به ثان، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها؛ لأنّها لم تحلّ محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو ({مَنْ}) مختلف فيه، كما رأيت في الآية رقم [٢٥]. {وَكانَ:} الواو: حرف استئناف. (كان): فعل ماض ناقص. {ذلِكَ:}
اسمها. {عَلَى اللهِ:} متعلّقان بما بعدهما. {يَسِيراً:} خبر كان، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها، واعتبارها حالا من الضمير الواقع مفعولا به فيه بعد.
{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)}
الشرح: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ:} اجتناب الشيء: المباعدة عنه، وتركه جانبا، والكبيرة: ما كبر، وعظم من الذّنوب، وعظمت عقوبته. وقال عليّ-رضي الله عنه-: الكبيرة:
كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب. وسئل ابن عباس عن الكبائر: أسبع هي؟ قال: هي إلى السّبعمائة أقرب، وفي رواية: إلى السّبعين أقرب، إلا أنّه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار. وقال: كلّ شيء عصي الله به فهو كبيرة، فمن عمل شيئا؛ فليستغفر الله، فإنّ الله لا يخلّد في النار من هذه الأمة إلا من كان راجعا عن الإسلام، أو جاحدا فريضة، أو مكذّبا بقدر. وخذ ما يلي:
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اجتنبوا السّبع الموبقات» قيل:
يا رسول الله! وما هنّ؟ قال: «الشّرك بالله، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم الله إلاّ بالحقّ،