هذه شبيهة بمقالة من سبقهم من الأمم السالفة المكذبة للرسل، تشابهت قلوبهم، فقالوا مثل مقالتهم، قال تعالى في سورة (فصلت) رقم [٤٣]: {ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} وقد قال تعالى في سورة (الذاريات) رقم [٥٢]{كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}.
الإعراب:{وَكَذلِكَ:} الواو: حرف استئناف. الكاف: حرف تشبيه وجر، و (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله ما بعده، التقدير: إلا قال مترفوها قولا مشابها لقول قومك.
هذا؛ وقدر الجمل الكلام: والأمر كما ذكر من عجزهم. وهذا يعني: أنّ الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محلّ له.
{ما:} نافية. {أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل. {مِنْ قَبْلِكَ:} متعلقان بما قبلهما، وهما مفعوله الثاني، تقدم على الأول، أو هما متعلقان بمحذوف حال من:{نَذِيرٍ،} كان صفة له، فلما قدم عليه؛ صار حالا، كما رأيت في الآية رقم [٤]، والكاف في محل جر بالإضافة. {فِي قَرْيَةٍ:} متعلقان بما قبلهما. وقيل:{مِنْ قَبْلِكَ} متعلقان بما قبلهما، و {فِي قَرْيَةٍ} متعلقان بمحذوف حال من:
{نَذِيرٍ}. {مِنْ:} حرف جر صلة. {نَذِيرٍ:} مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة:{ما أَرْسَلْنا..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها. {إِلاّ:} حرف حصر. {قالَ:} فعل ماض. {مُتْرَفُوها:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، وحذفت النون للإضافة، و (ها): في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية:{إِنّا وَجَدْنا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وإعرابها كما في الآية السابقة، وجملة:{قالَ..}. إلخ في محل نصب حال مستثنى من عموم الأحوال، وهي على تقدير:«قد» قبلها.
الشرح:{قالَ} أي: قال كل نذير من أولئك المنذرين لأممهم. {أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ:} التقدير:
أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم بدين أهدى، وأرشد، وأحق مما وجدتم عليه آباءكم من الضلالة؛ التي ليست من الهداية في شيء؟! وإنما عبر عنها بذلك مجاراة لهم على مسلك الإنصاف. هذا؛ وقرئ: «(قل)» و {قالَ} و {جِئْتُكُمْ} و (جئناكم). {قالُوا إِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ..}. إلخ: أي: إنا ثابتون على دين آبائنا، لا ننفك عنه، وإن جئتنا بما هو أهدى، وأصوب، فهذا منهم إقناط للنذير من أن ينظروا، ويتفكروا فيما جاءهم به.