للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نذيرا، فلما دنا من ناديهم بحيث يسمعهم الصوت؛ قالوا: ما وراءك؟ قال: هلكوا جميعا! فخرج عبد المطلب، وأصحابه، فأخذوا أموالهم، وكانت أموال بني عبد المطلب منها، وبها تكاملت رياسة عبد المطلب؛ لأنه احتمل ما شاء من صفراء، وبيضاء، ثم خرج أهل مكة بعده، فنهبوا، فقال عبد المطلب عند ذلك: [الرجز]

أنت منعت الحبش والأفيالا... وقد رعوا بمكة الأجبالا

وقد خشينا منهم القتالا... وكان أمر لهم معضالا

شكرا وحمدا لك ذا الجلالا

قال ابن إسحاق: ولما ردّ الله الحبشة عن مكة؛ عظّمت العرب قريشا. وقالوا: هم أهل الله، قاتل الله عنهم، وكفاهم مؤونة عدوهم. وقال عبد الله بن عمرو بن مخزوم في قصة أصحاب الفيل: [الرجز]

أنت الجليل ربّنا لم تدنس... أنت حبست الفيل بالمغمّس

من بعد ما همّ بشرّ مبلس... حبسته في هيئة المكركس

وما لهم من فرج ومنفس

الإعراب: {أَلَمْ:} مثل سابقه في إعرابه ومعناه. {يَجْعَلْ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم).

والفاعل يعود إلى {رَبُّكَ}. {كَيْدَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {فِي تَضْلِيلٍ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، أو هما في محل نصب حال من {كَيْدَهُمْ،} والجملة الفعلية مستأنفة استئنافا بيانيا، وفيها معنى التفسير، والبيان لما قبلها ما فيها.

{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)}

الشرح: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً:} قال سعيد بن جبير-رضي الله عنه-: كانت طيرا من السماء لم ير قبلها، ولا بعدها مثلها. وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس-رضي الله عنهم أجمعين-. قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنها طير بين السماء والأرض تعشّش، وتفرّخ».

وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: (كانت لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب). وقال عكرمة: كانت طيرا خضرا، خرجت من البحر، لها رؤوس كرؤوس السباع، ولم تر قبل ذلك، ولا بعده. وقالت عائشة-رضي الله عنها-: هي أشبه شيء بالخطاطيف.

وقيل: بل كانت أشباه الوطاويط حمراء، وسوداء. انتهى. قرطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>