للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيفتح لنا على المشركين، ويفصل بيننا وبينهم، وكان أهل مكة إذا سمعوه يقولون بطريق الاستعجال تكذيبا، واستهزاء: {مَتى هذَا الْفَتْحُ} أي: النصر، والفصل في الحكومة. وفي كثير من السور قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} وهو قريب من معنى هذه الآية، ومعنى: {صادِقِينَ} أي: فيما تعدوننا به، وإنما جاء بلفظ الجمع؛ لأن كل أمة قالت لرسولها كذلك، أو المعنى: إن كنت صادقا أنت، وأتباعك يا محمد!.

الإعراب: {وَيَقُولُونَ:} الواو: حرف استئناف. (يقولون): فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {مَتى:} اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم. {هذَا:} الهاء: حرف تنبيه لا محل له. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. {الْفَتْحُ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه.

{إِنْ:} حرف شرط جازم. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه. {صادِقِينَ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة: {كُنْتُمْ صادِقِينَ} لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، التقدير: إن كنتم صادقين فيما تقولون؛ فأتونا به. والكلام كله في محل نصب مقول القول، وجملة: (يقولون...) إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩)}

الشرح: {قُلْ:} هذا خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ..}. إلخ: أي يوم القيامة، وهو يوم الفصل بين المؤمنين، وأعدائهم، ويوم نصرهم عليهم، أو: يوم بدر، أو: يوم فتح مكة.

{لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا..}. إلخ: وهذا الكلام لا ينطبق جوابا على سؤالهم ظاهرا، ولكن لما كان غرضهم في السؤال عن وقت الفتح استعجالا منهم على وجه التكذيب، والاستهزاء؛ أجيبوا على حسب ما عرف من غرضهم في سؤالهم، فقيل لهم: لا تستعجلوا به، ولا تستهزءوا، فكأني بكم وقد حصلتم في ذلك اليوم، وآمنتم، فلا ينفعكم الإيمان، أو استنظرتم في إدراك العذاب، فلم تنظروا. ومن فسره بيوم الفتح، أو بيوم بدر؛ فهو يريد المقتولين منهم، فإنهم لا ينفعهم إيمانهم في حال القتل، كما لم ينفع فرعون إيمانه عند الغرق. انتهى. نسفي. هذا؛ ولما فتحت مكة هرب قوم من بني كنانة، فلحقهم خالد بن الوليد، رضي الله عنه، فأظهروا الإسلام، فلم يقبله منهم خالد، وقتلهم، فذلك قوله تعالى: {لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ}.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنت». {يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل بعده، وأجاز الفراء رفعه على الابتداء، ولا وجه له؛ لأنه لم يقرأ برفعه، ولا مسوغ

<<  <  ج: ص:  >  >>