للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{النّارُ:} بقرأ بالحركات الثلاث، فالرفع من وجهين: أحدهما: الرفع على الابتداء، والخبر الجملة بعده، وعليه؛ فالجملة لا محل لها؛ لأنها مفسرة للشر المتقدم، كأنه قيل: ما شر من ذلك، فقيل: {النّارُ وَعَدَهَا..}. إلخ، والثاني: أنها خبر مبتدأ محذوف، كأنه قيل: ما شر من ذلك، فقيل:

هو النار، وتبقى الجملة مفسرة للشر كما في الوجه الأول، وحينئذ يجوز في جملة: {وَعَدَهَا..}.

إلخ الرفع على أنها خبر بعد خبر، أو هي بدل من النار، وهو ضعيف؛ لأنه إبدال جملة من مفرد.

والنصب من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه منصوب بفعل مقدر يفسره الظاهر، والمسألة من باب الاشتغال، الثاني: أنها منصوبة على الاختصاص. قاله الزمخشري. الثالث: أن ينتصب بأعني، وهو قريب مما قبله، أو هو هو، والجر على البدل من (شر). انتهى. جمل نقلا عن السمين.

{وَعَدَهَا:} ماض، و (ها): مفعوله الأول. {اللهُ:} فاعله. {الَّذِينَ:} مفعوله الثاني، وجملة:

{كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول. هذا، وقيل: إن الضمير هو المفعول الثاني، والموصول هو المفعول الأول، وهذا يتمشى على القاعدة، وهي أنه متى اجتمع ما يتعدى إلى اثنين شيئان، ليس ثانيهما عبارة عن الأول، فالفاعل المعنوي رتبته التقديم، وهو المفعول الأول، فإذا قلت: وعدت زيدا دينارا، فالدينار هو المفعول الثاني؛ لأنه لا يتأتى منه فعل، وهو نظير قولك:

أعطيت محمودا دينارا، فمحمود هو الفاعل في المعنى؛ لأنه آخذ للدينار. (بئس): ماض جامد دال على إنشاء الذم. {الْمَصِيرُ:} فاعله، والمخصوص بالذم محذوف التقدير: النار، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اِجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣)}

الشرح: {يا أَيُّهَا النّاسُ:} نداء يعم الناس أجمعين، والمخصوص أهل مكة. {ضُرِبَ مَثَلٌ:} بيّن لكم حال مستغربة، أو قصة رائعة، ولذلك سميت مثلا. {فَاسْتَمِعُوا لَهُ} أي:

تدبروه حق تدبره، فإن الاستماع بلا تدبر وتعقل لا ينفع، والمثل المضروب يحتمل وجهين:

الأول: أن الكفار جعلوا لله مثلا بعبادتهم غيره، فكأنه تعالى قال: جعلوا لي شبيها في عبادتي، فاستمعوا خبر هذا الشبه. والثاني: هو ما ذكره الله صريحا من كون الأصنام المعبودة لم تستطع أن تخلق شيئا؛ حتى الذباب الضعيف؛ بل إن هذا المخلوق الضعيف إن سلب هذه الآلهة المصطنعة شيئا لا تقدر على إنقاذه منه.

{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ:} تعبدون من دون الله، أو تسمونهم آلهة، وانظر ما ذكرته في: دعا، يدعو في الآية رقم [١١٠] من سورة (الإسراء) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>