للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تِلْكَ}: الإشارة إلى ما تضمنته السورة الكريمة، أو القرآن، وإنما أدخلت اللام على اسم الإشارة، وهي للبعد، والسورة الكريمة، أو القرآن الكريم في متناول اليد؛ وذلك للإيذان بعلو شأنه، وكونه في الغاية القصوى من الفضل والشرف، وعلو المكانة؛ فكأنه بسبب ذلك بعيد كل البعد. {آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ}: المحكم بالحلال، والحرام، والحدود، والأحكام، فهو فعيل بمعنى: مفعول، وقيل: هو بمعنى الحاكم، فهو: فعيل بمعنى: فاعل؛ لأن القرآن حاكم يميز بين الحق والباطل، ويفصل بين الحلال والحرام، وقيل: هو بمعنى المحكوم فيه، أي: حكم الله فيه بالعدل والإحسان، وبالنهي عن الفحشاء والمنكر، وبالجنة لمن أطاعه، وبالنار لمن عصاه.

الإعراب: {الر}: في إعراب هذا اللفظ وجوه: الأول: أن محله الرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هذه {الر}. أو هو مبتدأ خبره ما بعده. الثاني: أن محله النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف، التقدير: اقرأ، أو اتل، أو هو منصوب على تقدير حذف حرف القسم، كما تقول: الله لأفعلن، والناصب فعل محذوف أيضا، التقدير: التزمت الله، أي: اليمين به، الثالث: أن محله الجر على القسم، وحرف الجر محذوف، وبقي عمله بعد الحذف؛ لأنه مراد، فهو كالملفوظ به، وتقدير الكلام على هذا: أقسم أو أحلف ب‍ {الر،} وضعف هذا سليمان الجمل، فقال: وهذا ضعيف؛ لأن ذلك، أي: حذف الجار، وإبقاء عمله من خصائص الجلالة المعظمة، لا يشركها فيه غيرها، ولا محل لها من الإعراب على اعتبارها وأمثالها حروفا مقطعة، أو مختصرة من أسماء. {تِلْكَ}: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {آياتُ}: خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {الْكِتابِ}: مضاف إليه. {الْحَكِيمِ}: صفة: {الْكِتابِ،} وفاعله، أو نائب فاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية ابتدائية لا محل لها، أو هي في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: اقرأ أو اتل... إلخ، أو هي في محل رفع خبر المبتدأ {الر} على وجه مر ذكره.

{أَكانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢)}

الشرح: {أَكانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ} أي: لا يحق لهم أن يعجبوا من إرسال رسول منهم للناس، والمراد بالناس: أهل مكة، وانظر الآية رقم [٨٢] (الأعراف)، وانظر العجب في الآية رقم [٦٣] منها. {رَجُلٍ مِنْهُمْ} أي: من بعض رجالهم، لكنه ليس من عظمائهم، والمراد به: سيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم، هذا؛ وقرئ شاذا برفع «(عجب)». {أَنْ أَنْذِرِ النّاسَ}: خوفهم عقاب الله وانتقامه منهم، إن هم أصروا على الكفر، ومخالفة أوامر الله تعالى. {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: بشرهم برضا الله، ورضوانه، وجنة عرضها الأرض والسموات، هذا؛ وعمم سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>