«الذي» فإن التقدير: والذين يديمون التصدق، والذين يديمون الصيام، والذين يتصدقون، والذين يصومون، والذين يحافظون... إلخ.
الإعراب:{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْمُسْلِمِينَ:} اسم: {إِنَّ} منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وفاعله مستتر فيه. {وَالْمُسْلِماتِ:} معطوف على ما قبله منصوب مثله، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وفاعله مستتر فيه، وما بعد هذين الاسمين معطوف عليهما، والإعراب مثلهما بلا فارق، وحذف متعلق بعض هذه الأسماء لدلالة المقام عليه. {فُرُوجَهُمْ:}
مفعول به عامله ما قبله، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وحذف مفعول (الحافظات) لدلالة الأول عليه. {اللهَ:} منصوب على التعظيم عامله ما قبله. {كَثِيراً:} صفة لمفعول مطلق محذوف، التقدير: ذكرا كثيرا، وحذف ما بعد (الذاكرات) لدلالة ما قبله عليه. {أَعَدَّ:} فعل ماض. {اللهَ:} فاعله. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مَغْفِرَةً} مفعول به.
{وَأَجْراً:} معطوف على ما قبله. {عَظِيماً:} صفة له، وجملة:{أَعَدَّ اللهُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية:{إِنَّ..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين.
الشرح:{وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} أي: ما صح، وهذا التعبير:{وَما يَنْبَغِي} ونحوهما معناه: الحظر والمنع، فتجيء لحظر الشيء، والحكم بأنه لا يجوز كما في هذه الآية، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلا، كقوله تعالى في سورة (النّمل): {ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها} الآية رقم [٦٠]. وربما كان العلم بامتناعه شرعا، كقوله تعالى في سورة (آل عمران) رقم [٧٩]: {ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ،} وقوله تعالى في سورة (الشورى) رقم [٥١]: {وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ} وربما كان في المندوبات، كما تقول: ما كان لك يا فلان أن تترك صلاة الصبح، والعشاء في الجماعة، ونحو ذلك.
{إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً} أي: قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذكر الله لتعظيم أمره، والإشعار بأن قضاءه قضاء الله، فهو مثل قوله تعالى:{قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ}. {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ:} أن يختاروا من أمرهم ما شاءوا؛ بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعا لرأيه، واختيارهم تلوا لاختياره.
هذا؛ والفعل {يَكُونَ} يقرأ بالياء، والتاء؛ لأن الخيرة مؤنث مجازي، يجوز فيه التذكير، والتأنيث، والخيرة من: التخير، كالطيرة من: التطير، يستعمل بمعنى المصدر. وهو التخير؛ وبمعنى المتخيّر، كقولهم: محمد خيرة الله من خلقه، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٨] من سورة (القصص) تجد ما