يسرك، ويثلج صدرك. هذا؛ وجمع الضمير في {لَهُمُ} وإن كان حقه أن يوحد، أو يثنى؛ لأن المذكورين وقعا تحت النفي، فعمّا كل مؤمن، ومؤمنة، فرجع الضمير إلى المعنى، لا إلى اللفظ.
{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ:} يخالف، أوامرهما فيما أمرا به، أو يخالف نهيهما عما نهيا عنه.
{فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً:} فإن كان العصيان عصيان رد، وامتناع عن القبول؛ فهو ضلال، وكفر، وإن كان عصيان فعل مع قبول الأمر، واعتقاد الوجوب؛ فهو ضلال خطأ، وفسق. وانظر شرح:
{ضَلَّ} في الآية رقم [١١] من سورة (لقمان).
تنبيه: نزلت الآية الكريمة في زينب بنت جحش الأسدية، وأخيها عبد الله بن جحش، وأمهما أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خطبها لمولاه زيد بن حارثة-رضي الله عنه-الذي حدثتك عنه في الآية رقم [٤] وكانت قد ظنت: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خطبها لنفسه، فرضيت، فلما علمت: أنه يخطبها لزيد بن حارثة؛ أبت، وقالت: أنا ابنة عمتك يا رسول الله! فلا أرضاه لنفسي، وكانت بيضاء جميلة، وفيها حدة، وكذلك كره أخوها ذلك، فأنزل الله تعالى:{وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ} يعني: عبد الله بن جحش {وَلا مُؤْمِنَةٍ} يعني: أخته زينب {إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً} يعني: نكاح زيد لزينب. فلما سمعت زينب بذلك وأخوها؛ رضيا، وسلّما، وجعلت أمرها بيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنكحها زيدا، ودخل بها، وساق إليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عشرة دنانير، وستين درهما، وخمارا، ودرعا، وملحفة، وخمسين مدا من طعام، وثلاثين صاعا من تمر. انتهى. خازن.
قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: في هذه الآية دليل؛ بل نص في أن الكفاءة لا تعتبر في الأحساب، وإنما تعتبر في الأديان، خلافا لمالك، والشافعي، والمغيرة، وسحنون، وذلك: أن الموالي تزوجت في قريش، تزوج زيد زينب بنت جحش، وتزوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير، وزوج أبو حذيفة سالما من فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وتزوج بلال أخت عبد الرحمن بن عوف. انتهى.
والمعتمد: أن الكفاءة تعتبر في الأحساب أيضا؛ لأن المرأة إذا تزوجت دونها في الحسب، فإنها تترفع على الزوج، ولا تخضع لأوامره، ولا تستجيب لمطالبه، والآية التالية توضح ذلك، أما الزوج إذا تزوج دونه في الحسب برضاه، فلا غضاضة، ولكن الأفضل أن يتزوج مثله لأن الولد يفتخر بأخواله، كما هو معلوم لدى كل إنسان.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {كانَ:} فعل ماض ناقص.
{لِمُؤْمِنٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {كانَ} تقدم على اسمها. {وَلا:} الواو:
حرف عطف. (لا): زائدة لتأكيد النفي. {مُؤْمِنَةٍ:} معطوف على ما قبله. {إِذا:} ظرف زمان مجرد عن الشرط، مبني على السكون في محل نصب متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر، التقدير: وما كان مستقرا لمؤمن ولا مؤمنة وقت قضاء الله كونه خيرة له في أمره. ويجوز أن