بما قبلهما، وهما مفعوله الثاني، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: فينبئكم بالذي، أو: بشيء كنتم تعملونه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: فينبئكم بعملكم. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه، وجملة:{تَعْمَلُونَ} في محل نصب خبره، وجملة:{فَيُنَبِّئُكُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {عَلِيمٌ:} خبرها. {بِذاتِ:} متعلقان ب: {عَلِيمٌ}. و (ذات) مضاف، و {الصُّدُورِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية تعليل، أو مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ} أي: الكافر. {ضُرٌّ:} شدة، وبلاء، من فقر، أو مرض، ونحو ذلك. {دَعا رَبَّهُ:} لجأ إليه بالدعاء، والتضرع. {مُنِيباً إِلَيْهِ:} مقبلا عليه، مخبتا، مطيعا، معرضا عن الآلهة الفاسدة؛ لعلمه: أن لا قدرة لها على دفع الضر، ولا قدرة لها على جلب المنفعة. {ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ} أي: أعطاه وملّكه، وفرج كربته، يقال: خولك الشيء؛ أي: ملكك إياه، وكان أبو عمرو بن العلاء ينشد قول زهير بن أبي سلمى:[الطويل]
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا... وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
معنى ييسروا يغلوا: أي: إذا قامروا بالميسر يأخذون سمان الإبل، فيقامرون عليها. وخول الرجل: خدمه وحشمه، قال أبو النجم العجلي:[الرجز]
أعطى فلم يبخل، ولم يبخّل... كوم الذّرى من خول المخوّل
{نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} أي: نسي ربه الذي كان يدعوه من قبل في كشف الضر عنه، ف:{ما} على هذا الوجه لله عز وجل، وهي بمعنى: الذي، كما في قوله تعالى {وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى} وقيل: بل المراد نسي الضر الذي كان يدعو ربه لكشفه، وتمرد، وطغى. وقيل: المعنى:
نسي الدعاء الذي كان يتضرع به إلى الله عز وجل، ف:{ما} على هذا مصدرية. ومعنى هذه الآية متكرر في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى في سورة (يونس) رقم [١٢]: {وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ} وقوله تعالى في سورة (لقمان)[٣٢]: {وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ..}. إلخ وغير ذلك كثير.