للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما قبلهما، وهما مفعوله الثاني، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: فينبئكم بالذي، أو: بشيء كنتم تعملونه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: فينبئكم بعملكم. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه، وجملة: {تَعْمَلُونَ} في محل نصب خبره، وجملة: {فَيُنَبِّئُكُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {عَلِيمٌ:} خبرها. {بِذاتِ:} متعلقان ب‍: {عَلِيمٌ}. و (ذات) مضاف، و {الصُّدُورِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية تعليل، أو مستأنفة، لا محل لها.

{وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ (٨)}

الشرح: {وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ} أي: الكافر. {ضُرٌّ:} شدة، وبلاء، من فقر، أو مرض، ونحو ذلك. {دَعا رَبَّهُ:} لجأ إليه بالدعاء، والتضرع. {مُنِيباً إِلَيْهِ:} مقبلا عليه، مخبتا، مطيعا، معرضا عن الآلهة الفاسدة؛ لعلمه: أن لا قدرة لها على دفع الضر، ولا قدرة لها على جلب المنفعة. {ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ} أي: أعطاه وملّكه، وفرج كربته، يقال: خولك الشيء؛ أي: ملكك إياه، وكان أبو عمرو بن العلاء ينشد قول زهير بن أبي سلمى: [الطويل]

هنالك إن يستخولوا المال يخولوا... وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا

معنى ييسروا يغلوا: أي: إذا قامروا بالميسر يأخذون سمان الإبل، فيقامرون عليها. وخول الرجل: خدمه وحشمه، قال أبو النجم العجلي: [الرجز]

أعطى فلم يبخل، ولم يبخّل... كوم الذّرى من خول المخوّل

{نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} أي: نسي ربه الذي كان يدعوه من قبل في كشف الضر عنه، ف‍: {ما} على هذا الوجه لله عز وجل، وهي بمعنى: الذي، كما في قوله تعالى {وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى} وقيل: بل المراد نسي الضر الذي كان يدعو ربه لكشفه، وتمرد، وطغى. وقيل: المعنى:

نسي الدعاء الذي كان يتضرع به إلى الله عز وجل، ف‍: {ما} على هذا مصدرية. ومعنى هذه الآية متكرر في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى في سورة (يونس) رقم [١٢]: {وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ} وقوله تعالى في سورة (لقمان) [٣٢]: {وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ..}. إلخ وغير ذلك كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>