للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣)}

الشرح: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ} أي: يقذفون بالزنى، وانظر الآية رقم [٤] ففيها الكفاية. {الْغافِلاتِ:} قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: السليمات الصدور، والنقيات القلوب، اللاتي ليس فيهن دهاء، ولا مكر؛ لأنهن لم يجربن الأمور، ولم يرزن الأحوال، فلا يفطنّ لما تفطن له المجربات العرافات، قال الشاعر: [الكامل]

ولقد لهوت بطفلة ميّالة... بلهاء تطلعني على أسرارها

الطّفلة بفتح الطاء: المرأة الناعمة، وطفلة الأنامل: رخصتها، وميّالة، أي: مختالة، وبلهاء من البله، وهي التي لا مكر لها، ولا دهاء، وكذلك البله من الرجال في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أكثر أهل الجنّة البله». وهو جمع الأبله، وهو الغافل عن الشر، المطبوع على الخير، وأما الأبله الذي لا عقل له فغير مراد في الحديث؛ لأن المقام مقام مدح. {لُعِنُوا فِي الدُّنْيا} أي: بإقامة الحد عليهم. {وَالْآخِرَةِ} أي: بالطرد من رحمة الله. {وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ:} جعل الله القذفة ملعونين في الدارين، وتوعدهم بالعذاب العظيم في الآخرة؛ إن لم يتوبوا لعظم ذنوبهم.

قيل: هو حكم كل قاذف ما لم يتب، وقيل: هو مخصوص بمن قذف أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لا توبة لعبد الله بن أبي، ولو فتشت وعيدات القرآن لم تجد أغلظ مما نزل في إفك عائشة-رضي الله عنها-، علما بأن ما ذكر في هذه السورة يشمل القاذفين، والقاذفات، والمقذوفين، والمقذوفات على السواء. وذلك بالنسبة للأجر، والثواب، والغضب، والعقاب.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها. {يَرْمُونَ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله. {الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ:} ثلاث صفات لموصوف محذوف منصوب؛ إذ التقدير: النساء المحصنات... إلخ، وعلامة النصب فيهن الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {لُعِنُوا:} ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق. {فِي الدُّنْيا:} متعلقان بالفعل قبلهما. (الآخرة): معطوف على ما قبله، وجملة: {يَرْمُونَ..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها، والجملة الفعلية: {لُعِنُوا..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ) والجملة الاسمية: {إِنَّ الَّذِينَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية. {وَلَهُمْ:} الواو: حرف عطف (لهم): متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عَذابٌ:}

مبتدأ مؤخر. {عَظِيمٌ:} صفة له، والجملة الاسمية معطوفة على جملة: {لُعِنُوا..}. إلخ فهي في محل رفع مثلها، أو هي في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير. تأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>