للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو السعود رحمه الله تعالى: اعلم أن ما حكي عن الهدهد، من قوله {الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} إلى هنا ليس داخلا تحت قوله: {أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ} وإنما هو من المعارف والعلوم التي اقتبسها من سليمان عليه السّلام، أورده بيانا لما هو عليه، وإظهارا لتصلبه في الدين، وكل ذلك لتوجيه قلبه عليه السّلام نحو قبول كلامه، وصرف عنان عزيمته إلى غزوها، وتسخير ولايتها. انتهى.

قال الجمل: وقوله: ليس داخلا تحت قوله... إلخ، مراده بهذا: أن الذي اختص به الهدهد عن سليمان، وذكره بقوله: {أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ} قد انتهى بقوله: {أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ} وأما قوله: {الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ..}. إلخ فهو وإن كان من مقول الهدهد، لكنه ليس مما علمه دون سليمان، بل سليمان يعلمه أيضا على وجه أتم، وأكمل من علم الهدهد، وإنما ذكره الهدهد بيانا لما هو عليه، أي لما هو معتقده، وإظهارا لتصلبه في الدين. انتهى.

الإعراب: {اللهُ:} مبتدأ. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل «إنّ». {إِلهَ:} اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب، والخبر محذوف، تقديره: موجود. {إِلاّ:} حرف حصر لا محل له. {هُوَ:} فيه ثلاثة أوجه: الأول: كونه بدلا من اسم (لا) على المحل؛ إذ محله الرفع على الابتداء. والثاني: كونه بدلا من {لا} وما عملت فيه؛ لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء.

والثالث: كونه بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وهو أقوى الثلاثة، وهو مبني على الفتح في محل رفع. {رَبُّ:} يجوز فيه أربعة أوجه: أحدها: أن يكون بدلا من {هُوَ} بدل ظاهر من مضمر. الثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هو {رَبُّ،} وحسن حذفه توالي اللفظ ب‍: (هو) مرتين، الثالث: أن يكون خبرا ثانيا لقوله: {اللهُ} والخبر الأول: الجملة الاسمية: {لا إِلهَ..}. إلخ، وذلك عند من يرى تعدد الخبر مختلفا بالإفراد، والجملة. الرابع:

أن يكون صفة للضمير، وذلك عند الكسائي، فإنه يجيز وصف الضمير الغائب بصفة مدح، فهو يشترط هذين الشرطين: أن يكون غائبا، وأن تكون الصفة صفة مدح. و {رَبُّ} مضاف، و {الْعَرْشِ} مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {الْعَظِيمِ:} صفة (العرش) ويقرأ بالرفع، فيقال فيه ما قيل ب‍: {رَبُّ} من الأوجه الأربعة، واعتباره صفة له يتضمن الأوجه الأربعة، وإن أبقيته صفة ل‍: {الْعَرْشِ،} ورفعته فيكون خبر مبتدأ محذوف، وذلك على القطع، وهذا معروف في باب النعت، والجملة الاسمية {اللهُ..}. إلخ، تحتمل أن تكون من مقول الهدهد، وأن تكون من كلام سليمان فتكون مستأنفة متصل بها ما بعدها، وأن تكون من كلام الله تعالى، فتكون معترضة بين كلام الهدهد، وكلام سليمان الآتي. تأمل، وتدبر.

{قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٧)}

الشرح: {قالَ سَنَنْظُرُ:} من النظر الذي هو التأمل، والتصفح. {أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ:} التقدير: أصدقت، أم كذبت؟ والتغيير لرعاية الفواصل، وللمبالغة أيضا، ولم يقل:

<<  <  ج: ص:  >  >>