للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم، فقال ابن مسعود-رضي الله عنه-: ناولوا صاحبكم! فقال: لا أريده. فقال: أصائم أنت؟ قال: لا، قال: فما شأنك؟ قال: حرّمت أن آكل ضرعا أبدا! فقال ابن مسعود: هذا من خطوات الشيطان، فاطعم، وكفّر عن يمينك. رواه ابن أبي حاتم عن أبي الضّحى عن مسروق، وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: ما كان من يمين، أو نذر في غضب؛ فهو من خطوات الشّيطان، وكفارته كفارة يمين.

{إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ:} بيّن العداوة. وقد بيّن الله لنا عداوته لآدم، ولذريته، قال تعالى في سورة (فاطر) رقم [٦] {إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا..}. إلخ، وقال في سورة (الكهف) رقم [٥٠]: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ،} ومثل ذلك كثير في آيات الله، وهو غاية في التّحذير من كيده، وشرّه.

الإعراب: ({يا}): حرف نداء ينوب مناب أدعو. ({أَيُّهَا}): منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب‍ ({يا})، و (ها) حرف تنبيه لا محل له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يقال: ضمير في محل جر بالإضافة؛ لأنّه يجب حينئذ نصب المنادى. {النّاسُ:} بدل من (أيّ) أو عطف بيان عليه، وانظر الآية رقم [٢١]. {كُلُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها.

{مِمّا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، أو بمحذوف صفة: (ما) إن كانت نكرة موصوفة. {حَلالاً:} حال من: (ما) وقيل: هو مفعول به ل‍ {كُلُوا}. وقيل: هو صفة مصدر محذوف، أي: أكلا حلالا، وقال مكي: صفة مفعول به، التقدير: شيئا حلالا، أو رزقا حلالا. {طَيِّباً:} صفة: {حَلالاً} وهي صفة مؤكدة. ({لا}): ناهية جازمة. {تَتَّبِعُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍ ({لا}) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعل، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، {خُطُواتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وهو مضاف، و {الشَّيْطانِ:} مضاف إليه. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه.

{لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، وانظر الآية رقم [٢٠٧]. {عَدُوٌّ:} خبر: (إنّ).

{مُبِينٌ:} صفة له، والجملة الاسمية تعليلية لا محل لها من الإعراب.

{إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (١٦٩)}

الشرح: (السوء {وَالْفَحْشاءِ}): قال البيضاوي: هو ما استقبحه الشّرع، وأنكره العقل.

والعطف لاختلاف الوصفين، فإنه سوء لاغتمام العاقل به، وفحشاء باستقباحه إياه، وقيل:

السوء: من القبائح، والفحشاء: ما تجاوز الحد من الكبائر. وقيل: الأول ما لا حدّ فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>