{وَلكِنْ:} الواو: حرف عطف. ({لكِنْ}): حرف استدراك مهمل لا عمل له، وجملة:{كُونُوا رَبّانِيِّينَ} في محل نصب مقول القول لفعل محذوف، التقدير: ولكن يقول: {كُونُوا رَبّانِيِّينَ:}
والكلام معطوف على ما قبله. {بِما} الباء: حرف جر. (ما): مصدرية. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {تُعَلِّمُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله.
{الْكِتابَ:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب خبر {كانَ،} و (ما) المصدرية و {كُنْتُمْ} في تأويل مصدر في محل جرّ بالباء، والجار والمجرور متعلّقان بالفعل:{كُونُوا} التقدير: بسبب كونكم معلّمين، وبسبب كونكم دارسين، وجوز تعليقهما ب {رَبّانِيِّينَ}. {وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ:} إعرابه مثل إعراب سابقه. هذا؛ ويجوز اعتبار (ما) موصولة، أو موصوفة في الموضعين، وذلك على قراءة تشديد اللام، والسين، ويكون العائد، أو الرابط محذوفا، وهو مفعول الفعلين، تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجلّ، وأكرم.
الشرح:{وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا..}. إلخ؛ أي: لا يأمركم بعبادة أحد غير الله، لا نبيّ مرسل، ولا ملك مقرّب. ويقرأ الفعل بالنصب عطفا على:{أَنْ يُؤْتِيَهُ} ويقويه ما ذكرته عن اليهود في الآية السابقة، فيكون الفاعل عائدا على (بشر). ويقرأ بالرفع على الاستئناف والقطع من الكلام السابق، فيكون الفاعل عائدا إلى:(الله). {أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ..}. إلخ: الاستفهام للتعجب، والإنكار. المعنى: لا يقول هذا، ولا يفعله! فالجهلة من الأحبار، والرّهبان، ومشايخ الضلال من المسلمين يدخلون في هذا الذّم، والتوبيخ، بخلاف الرّسل، وأتباعهم من العلماء العاملين. والخطاب للمسلمين، وللناس أجمعين.
هذا؛ وقد اتخذت بعض القبائل العربية، والصابئون الملائكة أربابا من دون الله. وقد ألزم الله الخلق حرمة الملائكة، والأنبياء، وتقديسهم. وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«لا يقولنّ أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي. ولا يقل أحدكم: ربّي، وليقل سيّدي». وانظر ما ذكرته في سورة (يوسف) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
هذا؛ و (الملائكة): أجسام نورانية لطيفة، قادرة على التشكّل، والتمثّل بأيّة صورة أرادوا، لا يأكلون، ولا يشربون، لا يبولون، ولا يتغوطون، لا ينامون، ولا يموتون، ولا يهرمون، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون. لا يتناكحون، ولا يتناسلون. يلهمون الحمد، والتسبيح لله، كما نلهم النّفس. لا يوصفون بذكورة، ولا أنوثة، فمن وصفهم بذكورة؛ فسق، ومن وصفهم بأنوثة: كفر، ولهم قدرة خارقة للعادة، ولا تحكم عليهم الصّورة. ومعناه: أن