غير ذي زرع، وما نعلن من البكاء، وتكرير النداء للمبالغة في التضرع، والالتجاء إلى الله تعالى.
{وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ..}. إلخ: قيل: هذا من قول إبراهيم عليه السّلام. وقيل: إنما هو من قول الله تعالى لمّا قال إبراهيم ما تقدم، قال الله تعالى: {وَما يَخْفى..}. إلخ وعليه الأكثرون، فهو تصديق لما قاله إبراهيم أولا، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: {رَبَّنا:} منادى انظر مثله في الآية السابقة، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمه. {تَعْلَمُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره «أنت». {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: تعلم الذي، أو شيئا نخفيه في قلوبنا، وما نعلن:
مثل ما قبله في الإعراب، وجملة: {تَعْلَمُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ). {وَما:} الواو: واو الحال على اعتبار الكلام من مقول إبراهيم، وواو الاستئناف على اعتباره من مقول الله تعالى.
{ما:} نافية. {يَخْفى:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {عَلَى اللهِ:} متعلقان بما قبلهما. {مِنْ:} حرف جر صلة، {شَيْءٍ:} فاعل يخفى مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {فِي الْأَرْضِ:}
متعلقان بمحذوف صفة شيء. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): صلة لتأكيد النفي. {فِي السَّماءِ:} معطوفان على ما قبلهما. والآية الكريمة بكاملها من مقول إبراهيم، على الاعتبار الأول: في الشرح، واعتبار الجملة {(ما يَخْفى...)} إلخ في محل نصب حال من فاعل {تَعْلَمُ} المستتر، والرابط: الواو، وإعادة اللفظ الكريم، ففيه، وضع الظاهر موضع المضمر، وعلى الاعتبار الثاني: في الشرح تكون الجملة {(ما يَخْفى...)} إلخ مستأنفة. تأمل، وتدبر.
{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩)}
الشرح: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي..}. إلخ: هذا الكلام قاله إبراهيم في وقت آخر، لا عقيب ما تقدم من الدعاء؛ لأن الظاهر أنه عليه السّلام دعا بذلك الدعاء المتقدم أول ما قدم بهاجر وابنها، وهي ترضعه، ووضعها عند البيت، وإسحاق لم يولد في ذلك الوقت، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ولد إسماعيل لإبراهيم، وهو ابن تسع وتسعين سنة، وولد له إسحاق، وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة، وقد قيد الهبة بحال الكبر استعظاما للنعمة، وإظهارا لما فيها من المعجزة.
{إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ} أي: لمجيب الدعاء، من قولك: سمع الملك كلامي: إذا اعتدّ به، و (سميع) من صيغ المبالغة. هذا؛ وولد لإسماعيل اثنا عشر ولدا، ولإسحاق اثنان.
هذا و (الحمد) في اللغة: الثناء بالكلام على الجميل الاختياري على جهة التبجيل والتعظيم، سواء أكان في مقابلة نعمة أم لا، فالأول: كمن يحسن إليك، والثاني: كمن يجيد صلاته، وهو