للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اصطلاح علماء التوحيد: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث كونه منعما على الحامد، أو غيره، سواء أكان ذلك قولا باللسان، أو اعتقادا بالجنان، أو عملا بالأركان، التي هي الأعضاء، كما قال القائل: [الطويل]

أفادتكم النّعماء منّي ثلاثة... يدي ولساني والضّمير المحجّبا

ومما هو جدير بالذكر: أن معنى الشكر في اللغة هو معنى الحمد في الاصطلاح، وأما معنى الشكر في الاصطلاح: فهو صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه، فيما خلق لأجله، وانظر الآية رقم [٧] تجد ما يسرك.

هذا وقد حثنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم على حمد الله باللسان، ورغبنا فيه، وذكر لنا أحاديث ترغبنا فيه، وصيغا مفضلة على غيرها لما فيها من المعاني القوية، وخذ نبذة من ذلك، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدّثهم: «أنّ عبدا من عباد الله قال: يا ربّ لك الحمد، كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فعضّلت بالملكين، فلم يدريا كيف يكتبانها، فصعدا إلى السّماء، فقالا: يا ربّنا، إنّ عبدك قد قال مقالة، لا ندري كيف نكتبها؟ قال الله-وهو أعلم بما قال عبده-: ماذا قال عبدي؟ قالا: يا ربّ إنّه قد قال: يا ربّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي حتّى يلقاني، فأجزيه بها». رواه أحمد وابن ماجة.

وعن أبي أيوب-رضي الله عنه-قال: قال رجل عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الحمد لله حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من صاحب الكلمة؟». فسكت الرجل، ورأى أنّه قد هجم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على شيء يكرهه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من هو؟ فإنّه لم يقل إلاّ صوابا». فقال الرّجل: أنا قلتها يا رسول الله! أرجو بها الخير. فقال: «والّذي نفسي بيده! لقد رأيت ثلاثة عشر ملكا يبتدرون كلمتك، أيّهم يرفعها إلى الله تعالى». رواه الطبراني، والبيهقي.

الإعراب: {الْحَمْدُ:} مبتدأ. {لِلّهِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة لفظ الجلالة، أو بدل منه، وجملة: {وَهَبَ لِي} صلة الموصول، والعائد رجوع الفاعل إليه. {عَلَى الْكِبَرِ:} متعلقان بمحذوف حال من ياء المتكلم، ويجوز أن يكونا متعلقين بمحذوف حال مما بعدهما. {إِسْماعِيلَ:} مفعول به.

و (إسحاق): معطوف عليه. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَبِّي:} اسم إن منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {لَسَمِيعُ:} خبر (إنّ)، واللام هي المزحلقة، و (سميع): مضاف، و {الدُّعاءِ} مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. وقيل: من إضافته لفاعله على إسناد السماع إلى دعاء الله تعالى على المجاز. هذا؛ والآية الكريمة كلها من مقول إبراهيم عليه السّلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>