للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسمية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو، والضمير. والكلام كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاّمُ الْغُيُوبِ (٤٨)}

الشرح: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ:} القذف، والرمي تصويب السهم، ونحوه بدفع، واعتماد، وقوة، ويستعاران من حقيقتهما لمعنى الإلقاء، ومنه قوله تعالى: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ،} وقوله تعالى: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ}. ومعنى {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ:} يلقيه، وينزله إلى أنبيائه، أو يرمي به الباطل فيدفعه، ويزهقه، كقوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ} وهو قول ابن عباس. أو: يرمي به إلى أقطار الآفاق، فيكون وعدا بإظهار الإسلام، وإفشائه.

وانظر شرح الحق في الآية رقم [٣٠] من سورة (لقمان)، وانظر شرح {يَقْذِفُ} في الآية رقم [٥٣].

{عَلاّمُ الْغُيُوبِ:} صيغة مبالغة: عالم. و {الْغُيُوبِ:} الأمر الذي غاب، وخفي جدا، وهو يقرأ بتثليث الغين، فالضم، كالشعور، والفتح، كالصبور، والكسر، كالبيوت (بكسر الباء).

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنت». {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَبِّي:} اسم: {إِنَّ} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {يَقْذِفُ:} فعل مضارع، وفاعله مستتر فيه، ومفعوله محذوف، التقدير: يقذف الباطل بالحق، أي: يدفعه. {بِالْحَقِّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، أي: ملتبسا بالحق، وأجيز اعتبار الباء زائدة، والحق مفعوله، أو الفعل يضمن معنى: يقضي، ويحكم، فيكون لازما. {عَلاّمُ:} بدل من محل اسم: {إِنَّ،} أو صفة له، أو هو بدل من الضمير المستكن بالفعل: {يَقْذِفُ،} أو هو خبر ثان ل‍: {إِنَّ،} أو هو خبر لمبتدإ محذوف. وقرئ بالنصب على أنه صفة ل‍: {رَبِّي،} أو بدل منه، أو هو على إضمار:

أعني، و {عَلاّمُ} مضاف، و {الْغُيُوبِ} مضاف إليه، من إضافة مبالغة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وجملة: {يَقْذِفُ..}. إلخ في محل رفع خبر: {إِنَّ،} والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها من الإعراب. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩)}

الشرح: {قُلْ جاءَ الْحَقُّ} أي: الإسلام، والقرآن، وذهب الباطل، واضمحل، ولهذا لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسجد الحرام يوم الفتح، ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة؛ جعل

<<  <  ج: ص:  >  >>