للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢)}

الشرح: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا:} وذلك لشدة شكيمتهم، وتضاعف كفرهم، وانهماكهم في اتباع الهوى، وركونهم إلى التقليد، وبعدهم عن التحقيق، وتمرنهم على تكذيب الأنبياء، ومعاداتهم. وانظر إعلال: (تجد) في الآية رقم [٥٢] (النساء). وإعلال: {النّاسِ} في الآية رقم [٣٥] و {الْيَهُودَ} في الآية رقم [٢٠]. {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا:} هم أهل مكة المشركون. {مَوَدَّةً:} لينا، ومحبة. {نَصارى:} انظر الآية رقم [١٥] وقد كان النصارى كذلك للين جانبهم، ورقة قلوبهم، وقلة حرصهم على الدنيا، وكثرة اهتمامهم بالعلم والعمل. {ذلِكَ:} الإشارة إلى ما ذكر من صفاتهم الحميدة. {قِسِّيسِينَ} جمع قسيس، وهو مثال مبالغة على فعّيل كصديق، وهو هنا رئيس النصارى، وعالمهم، وأصله من تقسس الشيء إذا اتبعه، وتطلبه بالليل، ويقال لرئيس النصارى: قس، وقسيس، وهما بفتح القاف، وكسرها، ولم ينقل أهل اللغة في الأول القس بضم القاف، لا مصدرا، ولا وصفا، فأما قس بن ساعدة الإيادي، فهو علم، وهو بضم القاف، فيكون مما غير عن طريق العلمية، وقس هذا كان أعلم أهل زمانه، وهو الذي قال فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يبعث أمة وحده» انتهى. جمل بتصرف كبير. (رهبان): جمع راهب، وهو من النصارى: من اعتزل الناس إلى دير يتعبد فيه، ويجمع رهبان على: رهابين. والرهبنة، والرهبانية: طريقة الرهبان، وقد بين القرآن الكريم: أنهم ابتدعوها، ولم يفرضها الله، ولا عيسى عليهم. {لا يَسْتَكْبِرُونَ:} أي عن قبول الحق إذا فهموه، أو يتواضعون، ولا يتكبرون كاليهود، وفيه دليل على أن التواضع، والإقبال على العلم، والعمل، والإعراض عن الشهوات محمودة، وإن كانت من كافر. انتهى. بيضاوي.

الإعراب: {لَتَجِدَنَّ:} مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، واللام واقعة في جواب قسم محذوف، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:

«أنت». {أَشَدَّ:} مفعول به أول، وهو مضاف، و {النّاسِ:} مضاف إليه. {عَداوَةً:} تمييز.

{لِلَّذِينَ:} متعلقان ب‍ {عَداوَةً،} أو بمحذوف صفه له، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {الْيَهُودَ:} مفعول به ثان. {الَّذِينَ:} معطوف على:

{الْيَهُودَ،} فهو مبني على الفتح في محل نصب مثله، وجملة: {أَشْرَكُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، وانظر إعراب: {آمَنُوا} في الآية رقم [١] وجملة: {لَتَجِدَنَّ..}. إلخ جواب قسم محذوف مع المتعلق، التقدير: (أقسم بالله...) إلخ، والجملة القسمية مستأنفة، لا محل

<<  <  ج: ص:  >  >>