للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلقان بما قبلهما. {سُوءُ}: نائب فاعل، وعلى قراءة الفعل بالبناء للمعلوم، فهو مفعول به، والفاعل يعود إلى الله، وقيل: إلى الشيطان، و {سُوءُ}: مضاف، و {أَعْمالِهِمْ}: مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية: {زُيِّنَ لَهُمْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} انظر إعراب مثل هذه الجملة ومحلها في الآية رقم [٢٠].

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ اِنْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اِثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ (٣٨)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: خص الله المؤمنين بهذا النداء، دون المنافقين، مع كونهم جميعا حصل منهم هذا التثاقل؛ لأن المؤمنين هم الذين ينتفعون بذلك دون المنافقين، فلذا سارعوا، وبادروا إلى الخروج مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم، قيل: أصله قول، بضم القاف وكسر الواو، فنقلت حركة الواو، إلى القاف، بعد سلب حركتها، فصار (قول) بكسر القاف، وسكون الواو، ثم قلبت الواو ياء، لوقوعها ساكنة بعد كسرة، فصار: «قيل»، وانظر «القول» في الآية رقم [٥] (الأعراف). {اِنْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ}: اخرجوا إلى الجهاد، يقال: استنفر الإمام الناس: إذا حثهم على الخروج إلى الجهاد، ودعاهم إليه، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وإذا استنفرتم فانفروا». والاسم:

النفير. {اِثّاقَلْتُمْ} أي: تثاقلتم، وتباطأتم عن الخروج إلى الحرب، ومعنى: {إِلَى الْأَرْضِ} أي:

لزمتم أرضكم ومساكنكم، وإنما استثقلوا ذلك الغزو والخروج إليه، لشدة الزمان، وضيق الوقت، وشدة الحر، وبعد المسافة، والحاجة إلى كثرة الاستعداد، من العدد، والزاد، وكان ذلك الوقت وقت إدراك ثمار المدينة، وطيب ظلالها، وكان العدو كثيرا، فاستثقل المسلمون تلك الغزوة، فعاتبهم الله بهذه الآية.

{أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ} أي: ركنتم إلى الدنيا ولذاتها، وأعرضتم عن نعيم الآخرة الدائم. {فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ} أي: فما الدنيا ولذاتها بجانب الآخرة ونعيمها إلا شيء تافه لا قيمة له، والسبب أن الدنيا فانية لا بقاء لها، وأن الآخرة باقية لا يطرأ عليها زوال وفناء، هذا؛ ويقرأ الفعل {اِثّاقَلْتُمْ} «تثاقلتم» على الأصل، فإن الأول فيه قلب التاء ثاء، ثم أدغمت الثاء في الثاء، كما يقرأ: «(أثاقلتم)» بقطع الهمزة على الاستفهام. بعد هذا انظر شرح {مَتاعُ} في الآية رقم [٢٤] (الأعراف) وانظر شرح {بِالْحَياةِ الدُّنْيا} في الآية رقم [٢٩] الأنعام، والمراد بالآخرة الحياة الثانية التي تكون بعد الموت، ثم بعد البعث والحساب، ودخول الجنة، والخلود فيها، أو دخول النار، والخلود فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>