للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: نزلت الآية الكريمة توبخ المسلمين لما تباطئوا عن الخروج مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى الجهاد في غزوة تبوك، وكانت في السنة التاسعة في شهر رجب بعد فتح مكة، وبعد غزوة حنين، ومحاصرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومن معه لبني ثقيف في الطائف، وكان قد بلغ الرسول صلّى الله عليه وسلّم استعداد الروم لغزو المدينة فندب المسلمين للخروج إليهم ومحاربتهم في بلادهم، ولم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم يريد غزوة إلاّ ورّى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك، فصرح للمسلمين بما يريد ليتأهبوا، فشق عليهم الخروج للأسباب التي ذكرتها، فلما نزلت الآية وما بعدها؛ هرع المسلمون للخروج وحث الرسول صلّى الله عليه وسلّم المسلمين على التبرع وبذل المال في سبيل الله.

وأول من تبرع أبو بكر رضي الله عنه، فجاء بجميع ماله، وجاء عمر بنصف ماله، وتبرع العباس، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وكرام الصحابة رضوان الله عليهم بمال كثير، وتخلف المنافقون عن الخروج، وعن بذل المال في سبيل الله، وأخذوا يعتذرون الأعذار الكاذبة، والسورة الكريمة من هذه الآية إلى آخرها تكشف لنا عن نفاق المنافقين، كما ستقف عليه عند شرح كل آية بعون الله وتوفيقه، ويفهم من هذا أن صدر السورة الكريمة من أولها إلى هنا متأخر في النزول عن هذه الآية إلى آخر السورة؛ لأن صدر السورة نزل في موسم الحج من السنة التاسعة للهجرة، وغزوة تبوك كانت في شهر رجب من السنة نفسها.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٢٤]. {ما}:

اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لَكُمْ}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {إِذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {قِيلَ}: ماض مبني للمجهول. {لَكُمْ}: متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب فاعل. {اِنْفِرُوا}: أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، {فِي سَبِيلِ}: متعلقان بما قبلهما، و {سَبِيلِ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه، والجملة الفعلية:

{اِنْفِرُوا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وبعضهم يعتبرها في محل رفع نائب فاعل {قِيلَ،} وهذا على رأي: من يجيز وقوع الجملة فاعلا، ويكون جاريا على القاعدة في بناء الفعل للمجهول: «يحذف الفاعل، ويقام المفعول مقامه». وهذا لا غبار عليه، وقيل: نائب الفاعل ضمير مستتر تقديره: قيل القول، فالأقوال ثلاثة في مثل هذا التركيب، وجملة:

{قِيلَ..}. إلخ في محل جر بإضافة {إِذا} إليها على القول المشهور المرجوح. {اِثّاقَلْتُمْ}:

فعل وفاعل، والجملة الفعلية جواب {إِذا} لا محل لها هذا هو الإعراب الظاهر والمتبادر.

هذا، وقال الجمل: الجملة الفعلية حال، وهذا يعني: أنها حال من كاف الخطاب، والعامل في الحال الاستفهام، وقال: إذا ظرف لهذه الحال مقدم عليها، والتقدير: أي: شيء ثبت لكم من الأعذار حال كونكم متثاقلين في وقت قول الرسول لكم: انفروا. {إِلَى الْأَرْضِ}: متعلقان بما

<<  <  ج: ص:  >  >>