الشرح:{وَإِنّا لَنَعْلَمُ:} علما أزليا قديما. {أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ:} يكذبون بالقرآن، ويكذبون محمدا صلّى الله عليه وسلّم، فأنزلنا الكتب، وأرسلنا الرسل، ليظهر لكم في عالم الشهادة، ما كنا نعلمه في الأزل من تكذيب، وتصديق، تستحقون به الثواب، أو العقاب، فلذلك وجب في الحكمة أن نعيد الخلق، إلى ما كانوا عليه من أجسامهم قبل الموت، لنحكم بينهم، فنجازي كلا بما يليق به إظهارا للعدل. انتهى. جمل نقلا من الخطيب. وهذا يعني: أن الخطاب للخلق أجمعين، وهو لا ينسجم مع الكلام الأول الموجه لكفار قريش، كما هو واضح.
{وَإِنَّهُ} أي: القرآن. {لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ} أي: الإيمان بالقرآن حسرة على الكافرين يوم القيامة. والمعنى: أنهم يندمون على ترك الإيمان به؛ لما يرون من ثواب من آمن به، وعمل بمقتضاه. وقال ابن جرير: وإن التكذيب لحسرة على الكافرين. والأول أقوى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَإِنّا:}(الواو): حرف عطف. (إنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {لَنَعْلَمُ:}(اللام): هي المزحلقة. (نعلم): فعل مضارع، والفاعل مستتر فيه وجوبا، تقديره:«نحن». {أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {مِنْكُمْ:} جار ومجرور.
{مُكَذِّبِينَ:} اسم (إنّ) منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعول نعلم، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، على الوجهين المعتبرين فيها، وإعراب:{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ} مثل إعراب {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} بلا فارق، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها أيضا.
الشرح:{وَإِنَّهُ} أي: القرآن. {لَحَقُّ الْيَقِينِ} أي: الخبر الصدق الحق؛ الذي لا مرية فيه، ولا شك، ولا ريب. هذا؛ وجاز إضافة (الحق) ل: {الْيَقِينِ،} وهما واحد؛ لاختلاف لفظهما.
قال المبرد: هو كقولك: عين اليقين، ومحض اليقين. وهو قول ابن عباس-رضي الله عنهما- فهو من باب إضافة الشيء لنفسه عند الكوفيين. وعند البصريين: هو على حذف المضاف إليه، وإقامة الصفة مقامه، التقدير، حق الأمر اليقين، أو الخبر اليقين، وانظر (الواقعة) رقم [٩٥].
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أي: نزه الله تعالى عن السوء. وقيل: معناه: فصلّ بذكر ربك العظيم، وبأمره. وعن عقبة بن عامر الجهني-رضي الله عنه-قال: لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في ركوعكم». ولما نزلت:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في سجودكم». أخرجه أبو داود، وأحمد، وابن ماجه.