للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {أَحْصاهُ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعول به. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، وقعت سؤالا عما نشأ قبلها من السؤال إما عن كيفية التنبئة، أو عن سببها، كأنه قيل: كيف ينبئهم بأعمالهم؛ وهي أعراض منقضية متلاشية؟ فقيل: أحصاه الله. انتهى. جمل.

{وَنَسُوهُ:} (الواو): واو الحال. (نسوه): فعل ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المنصوب، و «قد» قبلها مقدرة، والرابط: الواو، والضمير، وإن اعتبرتها معطوفة على ما قبلها؛ فلا محل لها، والأول أقوى. {وَاللهُ:} (الواو): حرف استئناف. (الله): مبتدأ. {عَلى كُلِّ:} متعلقان ب‍: {شَهِيدٌ} بعدهما، و {كُلِّ} مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه. {شَهِيدٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ..}. إلخ: هذا خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكل عاقل يتأتى منه النظر والاعتبار، والمعنى أن الله سبحانه وتعالى عالم بجميع المعلومات، لا تخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السموات. {ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ} أي: من إسرار ثلاثة، وهي المسارة، والمشاورة. وقيل: ما يكون من متناجين ثلاثة يساور بعضهم بعضا. {إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ} أي:

بالعلم، والإحاطة لما يتناجون به، فهو حاضر معهم، وشاهدهم، كما تكون نجواهم عند إنسان رابع يكون معهم. {وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ:} هو مثل سابقه. {وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ} يعني: ولا أقل من ثلاثة، وخمسة، ولا أكثر من ذلك العدد. {إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ} أي: بالعلم، والقدرة، والإحاطة. {أَيْنَ ما كانُوا:} لا يخفون عنه، ولا يغيبون عن علمه. {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ:} هو مثل الاية السابقة، يخبرهم بذلك توبيخا، وتقريعا، وتشهيرا بحالهم، فعندها يتمنون الانصراف والمسارعة بهم إلى النار، لما يلحقهم من الخزي على رؤوس الأشهاد.

قال الخازن: فإن قلت: لم خص الثلاثة، والخمسة بالذكر، قلت: أقل ما يكفي في المشاورة ثلاثة، حتى يتم الغرض، فيكون اثنان كالمتنازعين في النفي، والإثبات، والثالث كالمتوسط الحاكم بينهما فحينئذ تحمد تلك المشاورة، ويتم ذلك الغرض، وهكذا كل جمع يجتمع للمشاورة لا بد من واحد، يكون حكما بينهم مقبول القول. وقيل: إن العدد الفرد أشرف من الزوج، فلهذا خص الله الثلاثة، والخمسة. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. وانظر سبب النزول في الاية التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>