فعل محذوف، التقدير: التزمت الله؛ أي: اليمين به. أو هو في محل جر على القسم، وحرف الجر محذوف، وبقي عمله بعد الحذف؛ لأنه مراد، فهو كالملفوظ به، وتقدير الكلام على هذا:
أقسم، وأحلف ب:{حم} وضعف هذا سليمان الجمل-رحمه الله تعالى-، فقال: وهذا ضعيف؛ لأن ذلك؛ أي: حذف الجار، وإبقاء عمله، من خصائص الجلالة المعظمة، لا يشركها فيه غيرها، ولا محل لها من الإعراب على اعتبارها وأمثالها حروفا مقطعة، أو مختصرة من أسماء.
الشرح: انظر الآية رقم [١] من سورة (الزمر) ففيها الكفاية.
الإعراب:{تَنْزِيلُ:} فيه أوجه: أحدها: أنه خبر عن {حم؛} لأن {حم} يراد به السورة وبعض القرآن، وتنزيل بمعنى: منزل. والثاني: أن يكون {تَنْزِيلُ} مبتدأ، والخبر متعلق الجار والمجرور:{مِنَ اللهِ}. والثالث: أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف، التقدير: هذا تنزيل، أو المتلوّ تنزيل، أو: هذه الحروف تنزيل، ودلت {حم} على ذكر الحروف، و {تَنْزِيلُ} مضاف، و {الْكِتابِ} مضاف إليه. من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب: {تَنْزِيلُ،} أو بمحذوف خبره. {الْعَزِيزِ:} بدل من لفظ الجلالة. {الْعَلِيمِ:} بدل ثان، وبعضهم يعتبرهما صفتين للفظ الجلالة، ولا أسلمه؛ لأنهما اسمان، وليسا بصفتين.
الشرح:{غافِرِ الذَّنْبِ} أي: للمؤمنين، و {الذَّنْبِ} يطلق على مخالفة الله فيما أمر، أو فيما نهى عنه، وهو على درجات، منها الصغائر، ومنها الكبائر، وتفصيلها معروف في محالها، وجمعه: ذنوب بضم الذال، وهو بفتحها بمعنى: النصيب. قال تعالى في سورة (الذاريات) رقم [٥٩]: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ}. و (الذنوب) بفتح الذال أيضا:
الدلو العظيمة قال الراجز:[الرجز]
إنّا إذا شاربنا شريب... له ذنوب ولنا ذنوب
فإن أبى كان له القليب
{وَقابِلِ التَّوْبِ} أيضا للمؤمنين؛ إن تابوا عن ذنوبهم، وإدخال الواو في هذا الوصف لإفادة الجمع للمذنب التائب بين قبول توبته، ومحو ذنبه. انتهى. عمادي. وعبارة البيضاوي: وتوسيط الواو بين الأولين؛ لإفادة الجمع بين محو الذنوب، وقبول التوبة، أو لتغاير الوصفين؛ إذ ربما يتوهم الاتحاد. انتهى. جمل. {شَدِيدِ الْعِقابِ} أي: لمن تمرد، وطغى، وآثر الحياة الدنيا، وعتا عن أوامر الله تعالى، وبغى. وهذه كقوله تعالى في سورة (الحجر) رقم [٤٩ و ٥٠]: