للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزاد قوله: وقيل: اليمين بمعنى: القوة، أي: تمنعوننا بقوة، وقهر وغلبة، قال تعالى في هذه السورة: {فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} أي: بالقوة، وقوة الرجل في يمينه، وقال الشاعر: [الوافر]

إذا ما راية رفعت لمجد... تلقّاها عرابة باليمين

أي: بالقوة، والقدرة. وهذا قول ابن عباس-رضي الله عنهما-انتهى. وانظر ما ذكرته في سورة (الزمر) رقم [٦٧] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {تَأْتُونَنا:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، و (نا):

مفعوله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر (كان)، وجملة: {كُنْتُمْ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنَّكُمْ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير فقط، فهي حال متداخلة، وفيها معنى التفسير للتساؤل. {عَنِ الْيَمِينِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنّا كُنّا غاوِينَ (٣٢)}

الشرح: {قالُوا} أي: الرؤساء، والمتبوعون. {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ:} وهذا إضراب من المتبوعين، وإبطال لما ادعاه التابعون، أي: لم تتصفوا بالإيمان في وقت من الأوقات، بل كنتم على الكفر، فأقمتم عليه للإلف، والعادة. {وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ} أي: ما كان لنا عليكم من قوة، وقدرة نقهركم بها على متابعتنا. {بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ} أي: بل كان فيكم فجور، وطغيان، واستعداد للعصيان، والفساد، فلذلك استجبتم لنا، واتبعتمونا. وهذا مثل قول الشيطان لهم: {وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} رقم [٢٢] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه أفضل الصلوات، وأتم التسليم.

{فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا:} وجب وعيده، وتهديده، وهو: {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ}. {إِنّا لَذائِقُونَ} أي: للعذاب: التابع، والمتبوع، والضال، والمضل؛ أي: جميعا في جهنم لا محالة. {فَأَغْوَيْناكُمْ إِنّا كُنّا غاوِينَ} أي: زينا لكم الكفر، والباطل، والضلال، والعصيان، ودعوناكم إلى ذلك؛ لأننا كنا على غي، وضلال، فلا عتب علينا في تعرضنا لإغوائكم بتلك الدعوة، لتكونوا مثلنا في الغواية، والضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>