للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرازي رحمه الله تعالى: أجاب الرؤساء والمتبوعون بأجوبة خمسة: الأول: {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}. الثاني: {وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ}. الثالث: {بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ}. الرابع:

{فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا}. الخامس: {فَأَغْوَيْناكُمْ..}. إلخ. انتهى. جمل نقلا عنه.

هذا و (الرب) يطلق، ويراد به السيد، والمالك، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول يوسف-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ} أي: سيدك. وأيضا قوله تعالى حكاية عن قوله أيضا: {أَمّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} أي: سيده، ومالكه. كما يقال: ربّ الدار، وربّ الأسرة، أي: مالكها، ومتولي شؤونها، كما يراد به المربي، والمصلح، يقال: ربّ فلان الضيعة، يربها: إذا أصلحها، والله سبحانه وتعالى مالك العالمين، ومربيهم، وموصلهم إلى كمالهم شيئا، فشيئا، بجعل النطفة علقة، ثم بجعل العلقة مضغة، ثم بجعل المضغة عظاما، ثم يكسو العظام لحما، ثم يصوره، ويجعل فيه الروح، ثم يخرجه خلقا آخر، وهو صغير ضعيف، فلا يزال ينميه، وينشيه؛ حتى يجعله رجلا، أو امرأة كاملين. ولا يطلق الرب على غيره تعالى إلا مقيدا بالإضافة، مثل قولك: رب الدار، ورب الناقة، ونحو ذلك. والرب: المعبود بحق، وهو المراد منه تعالى عند الإطلاق، ولا يجمع إذا كان بهذا المعنى، ويجمع إذا كان معبودا بالباطل، قال تعالى في سورة (يوسف) حكاية عن قول يوسف لصاحبي السّجن: {يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ} كما يجمع إذا كان بأحد المعاني السابقة، قال الشاعر: [الطويل]

هنيئا لأرباب البيوت بيوتهم... وللآكلين التّمر مخمس مخمسا

وهو اسم فاعل بجميع معانيه، أصله: رابب، ثم خفف بحذف الألف، وإدغام أحد المثلين في الآخر بعد إسكان الأول منهما، وسلب حركته. تأمل. وانظر الآية رقم [١٦] من سورة (ص).

أما (قوم) فهو اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: رهط، ومعشر، ونفر... إلخ، وهو يطلق على الرجال دون النساء، بدليل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ}. وقال زهير بن أبي سلمى المزني: [الوافر] وما أدري وسوف إخال أدري... أقوم آل حصن أم نساء؟

وربما دخل فيه النساء على سبيل التبع للرجال، كما في إرسال الرسل لأقوامهم؛ إذ إن كل لفظ (قوم) في القرآن، إنما يراد به الرجال، والنساء جميعا. وهو يذكر، ويؤنث، قال تعالى في سورة (الشعراء): {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} فتذكيره باعتبار اللفظ، وتأنيثه باعتبار المعنى، وهو: أنهم أمة، وطائفة، وجماعة.

هذا؛ و (سلطان) تسلط، وولاية، ويأتي بمعنى: الحجة، والبرهان، كما هنا، ويأتي بمعنى:

الكتاب، قال تعالى في سورة (الروم) رقم [٣٥]: {أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ،} وقال بعض المحققين: سميت الحجة: سلطانا؛ لأن صاحب الحجة يقهر من لا حجة

<<  <  ج: ص:  >  >>