ونفاق، فهو يمرض قلوبهم، أي: يضعفها بضعف الإيمان فيها، والمرض: حقيقة ما يعرض للبدن، فيخرجه عن الاعتدال اللائق به، ويوجب الخلل في أفعاله، وقد يؤدي إلى الموت، استعير هنا لما في قلوبهم من الجهل، وفساد العقيدة، هذا؛ وقد اختلف في هؤلاء، فقيل: هم المنافقون، والعطف للترادف، وقال الخازن: هم قوم من أهل مكة تكلموا بالإسلام، ولم يقو الإيمان في قلوبهم، فلما خرج كفار قريش إلى بدر خرجوا معهم، فلما رأوا قلة المسلمين وكثرة المشركين ارتابوا وارتدوا، وقالوا {غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ} أي: خدع المسلمين دينهم الجديد الذي اعتنقوه رجاء الثواب الموهوم، والأجر المزعوم، وانظر شرح:(الدين) في الآية رقم [١٦١] الأنعام. {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} أي: يسلم أمره إليه، ويفوض شئونه لأمره، ويعتمد عليه في جميع أموره وأحواله. {فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ}: قوي غالب لا يذل من استجار به واعتمد عليه.
{حَكِيمٌ}: يفعل بحكمته البالغة ما يستبعده العقل، ويعجز عن إدراكه، وانظر الآية رقم [١٠].
الإعراب:{إِذْ}: هو مثل الآية السابقة. {يَقُولُ}: مضارع. {الْمُنافِقُونَ}: فاعله مرفوع... إلخ، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها، والجملة المقدرة (اذكر...) إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَالَّذِينَ}: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع معطوف على المنافقون. {فِي قُلُوبِهِمْ}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {مَرَضٌ}:
مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها، هذا؛ ويجوز اعتبار:{فِي قُلُوبِهِمْ} متعلقين بمحذوف صلة الموصول، ويكون {مَرَضٌ} فاعلا بذلك المحذوف، والتقدير: الذين استقر في قلوبهم مرض. {غَرَّ}: ماض. {هؤُلاءِ}: اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب مفعول به، والهاء: حرف تنبيه لا محل له. {دِينُهُمْ}: فاعل {غَرَّ،} والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:{غَرَّ..}. إلخ في محل نصب مقول القول {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} انظر إعراب مثل هذا الكلام في الآية رقم [١٣] ومحله مثله أيضا.
الشرح:{وَلَوْ تَرى}: هذا الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ومعناه: عاينت وشاهدت؛ لأن «لو» ترد المضارع إلى معنى الماضي، كما ترد (إن) الماضي إلى معنى الاستقبال. {إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ}: وقت قبض الملائكة أرواح الكفار والمشركين. {الْمَلائِكَةُ}: انظر الآية رقم [١١](الأعراف). {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ}: اختلف في وقت هذا الضرب، فقيل: هو عند الموت تضرب الملائكة وجوه المشركين وأدبارهم بسياط من نار، وهذا عام في كل مشرك وكافر عند الموت، وهو ما تفيده الآية رقم [٢٧] من سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم)، وقيل: كان هذا في