{ذلِكُمْ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {خَيْرٌ:} خبره. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب {خَيْرٌ}. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق ب {خَيْرٌ} أيضا، و {عِنْدَ} مضاف، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية:{ذلِكُمْ خَيْرٌ..}. إلخ: مستأنفة لا محل لها. {فَتابَ:} الفاء: واقعة في جواب شرط مقدر محذوف، التقدير: إن فعلتم ما أمرتم به؛ فقد تاب، وهذا إن كان من كلام موسى لهم. أو الفاء: حرف عطف، تعطف الجملة على كلام محذوف؛ إن جعلته من كلام الله تعالى على طريق الالتفات. كأنه قال لهم: فعلتم ما أمرتم به، فتاب عليكم بارئكم. {إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ:} انظر إعراب مثل هذه الجملة في الآية رقم [٣٢] و [٣٧] والجملة الاسمية مفيدة للتعليل لا محل لها.
الشرح:{وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى:} هذا من خطاب الأبناء بما فعل الآباء. {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} أي: لن نصدقك حتى نرى الله عيانا، وسبب ذلك: أنّ الله تعالى أمر موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-أن يأتيه بأناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، فاختار سبعين رجلا من صلحائهم. وقال لهم: صوموا، وتطهّروا. ففعلوا، وخرج بهم إلى طور سيناء. فقالوا لموسى:
اطلب لنا أن نسمع كلام ربّنا. فأسمعهم الله قوله:{إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا} أخرجتكم من أرض مصر بيد شديدة فاعبدوني، ولا تعبدوا غيري. فلمّا سمعوا كلام ربّ العزة؛ استحلوا كلامه، فطلبوا رؤيته، وهذه طبيعة البشر، فكل من استحلى صوتا يحبّ أن يرى صاحبه. انظر الآية رقم [١٥٥] من سورة (الأعراف). {فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ:} الصيحة، وهي صوت هائل سمعوه من جهة السماء. وقيل: هي نار، وفي سورة (الأعراف): {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} وهي الزلزلة، ويمكن الجمع بأنهم حصل لهم الجميع. انتهى. جمل. فقام موسى يبكي، ويدعو الله ويقول:{رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا} فناشد به حتّى أحياهم رجلا رجلا بعد أن مكثوا ميتين يوما وليلة. {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} أي: إلى حالكم، وما نزل بكم من الموت، وآثار الصعقة.
هذا وقال الزمخشري: وفي هذا الكلام دليل على أنّ موسى-عليه الصلاة والسّلام-رادّهم القول، وعرّفهم: أن رؤية ما لا يجوز عليه... إلخ: قال أحمد بن المنير رحمه الله تعالى: لقد انتهز الزمخشري ما اعتقده فرصة من هذه الآية التي لا مطمع له عند التحقيق في التشبث بها، فبنى الأمر على أنّ العقوبة سببها طلب ما لا يجوز على الله تعالى من الرؤية على ظنّه، وأنّى له ذلك؟! وثمّ سبب ظاهر في العقوبة سوى ما ادّعاه هو كل السبب، وذلك: أنّ موسى عليه السّلام لمّا علم جواز رؤيته تعالى طلبها في آية (الأعراف) رقم [١٤٣] فأخبره الله تعالى: أنه لا يراه في الدنيا،