للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: ما يؤتى بها لتوكيد عاملها، وهي التي توافقه معنى فقط، أو معنى، ولفظا، فالأول نحو قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها} ومنه الآية التي نحن بصدد إعرابها. والثاني نحو قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً}.

النوع الثاني: ما يؤتى بها لتوكيد صاحبها، نحو قوله تعالى: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}.

النوع الثالث: ما يؤتى بها لتوكيد مضمون جملة معقودة من اسمين معرفتين جامدين، نحو:

«هو الحق بيّنا، أو صريحا». وقول سالم بن دارة اليربوعي، وهو الشاهد رقم [٣٨٥] من كتابنا «فتح رب البرية»: [البسيط]

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي... وهل بدارة يا للنّاس من عار؟

وانظر الآية رقم [٧٦] من سورة (الفرقان)؛ لأنواع الحال بالنسبة للزّمان.

{وَاِتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤)}

الشرح: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ} أي: خافوا، ووحّدوا، واعبدوا الذي خلقكم من العدم، وأنشأكم من ماء مهين. {وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} أي: الجماعة، والأمم الأولين، الذين كانوا على خلقة، وطبيعة عظيمة، كأنها الجبال قوة، وصلابة، ولا سيما قوم هود الذين بلغت بهم الشدة حتى قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً} وقد أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر. انتهى. جمل.

وقال مجاهد: الجبلة الخليقة، وجبل فلان على كذا، أي: خلق، فالخلق جبلّة، وجبلّة، وجبلة، وجبلة، وجبلة. ذكره النحاس في معاني القرآن. وقال الهروي: الجبلّة، والجبلة، والجبلّ، والجبلّ والجبل لغات، وهو الجمع الكثير من الناس، ومنه قوله تعالى في سورة (يس): {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً}. وقال النحاس أيضا: كلها لغات، وتحذف الهاء من هذا كله، وقرأ الحسن باختلاف عنه: «(والجبلّة الأولين)» بضم الجيم والباء، وروي عن شيبة والأعرج، والباقون بالكسر، قال الشاعر: [مجزوء الكامل]

والموت أعظم حادث... فيما يمرّ على الجبلّة

انتهى. كله من القرطبي بتصرف بسيط.

الإعراب: {وَاتَّقُوا:} الواو: حرف عطف. (اتقوا): فعل أمر مبني على حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {خَلَقَكُمْ:} فعل ماض، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به،

<<  <  ج: ص:  >  >>