معطوف على:{وَحْياً،} كما رأيت تقديره. هذا؛ ومثل هذه الآية قول ميسون بنت بحدل الكلبية:[الوافر]
ولبس عباءة وتقرّ عيني... أحبّ إليّ من لبس الشفوف
وهذا هو الشاهد رقم [٤٧٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب». وأيضا قول الآخر، وهو الشاهد رقم [١٣٩] من كتابنا: «فتح رب البرية» إعراب شواهد جامع الدروس العربية: [البسيط]
لولا توقّع معترّ فأرضيه... ما كنت أوثر أترابا على ترب
وأيضا قول أنس بن مدركة الخثعمي، وهو الشاهد رقم [١٤٠] من الكتاب المذكور: [البسيط] إني وقتلي سليكا ثمّ أعقله... كالثّور يضرب لمّا عافت البقر
انظر إعراب هذه الأبيات في محالها تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك. هذا؛ ويقرأ الفعل {يُرْسِلَ} بالرفع، على أنّه خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: أو هو يرسل، والجملة الاسمية هذه معطوفة على {وَحْياً} أي: فتكون في محل نصب حال مثله، أو الفعل {يُرْسِلَ} ينزل منزلة المصدر، كما في المثل العربي:«تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» فهو إذا معطوف على:
{وَحْياً}. انظر تقدير الكلام سابقا. (يوحي): معطوف على: {يُرْسِلَ} على جميع الوجوه المعتبرة فيه قراءة، وإعرابا. {بِإِذْنِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: فيوحي بإذنه الذي، أو شيئا يشاؤه. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {عَلِيٌّ حَكِيمٌ:} خبران له، والجملة الاسمية تعليل للكلام السابق، لا محلّ لها.
الشرح:{وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ} أي: وكالذي أوحينا إلى الأنبياء من قبلك، أوحينا إليك، والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {رُوحاً} أي: نبوة. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-. وقال الربيع: هو جبريل. وقال الضحاك: هو القرآن، وهو قول مالك بن دينار، وسماه روحا؛ لأنّ فيه حياة من موت الجهل، وجعله من أمره، بمعنى: أنزله كما شاء على من يشاء من النظم المعجز، والتأليف المعجب، وكان مالك بن دينار يقول: يا أهل القرآن! ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع القلوب، كما أنّ الغيث ربيع الأرض. ويمكن أن يحمل قوله تعالى في سورة (الإسراء): {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ..}. إلخ على القرآن أيضا {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} أي: يسألونك من أين لك هذا القرآن؟ قل: إنه من أمر الله أنزله عليّ معجزا. ذكره القشيري.