للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى صلّى الله عليه وسلّم وأمته، فيقوم، فيتبعونه برّهم، وفاجرهم، فيكون سبيلهم تلك السبيل، وكذا سائر الأنبياء، عليهم السّلام. هذا؛ والمطموس، والطميس عند أهل اللغة: الأعمى الذي ليس في عينيه شق، والفعل يأتي من الباب الأول، والثاني. انتهى. وأعتمد القول الأول، فإنه هو الظاهر. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.

{نَشاءُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، ومفعوله محذوف، تقديره: لو نشاء الطمس. والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.

{لَطَمَسْنا:} اللام: واقعة في جواب لو. (طمسنا): فعل، وفاعل. {عَلى أَعْيُنِهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية جواب (لو) لا محل لها، ولو ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له. {فَاسْتَبَقُوا:} الفاء: حرف عطف. (استبقوا): فعل ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الصِّراطَ:} منصوب بنزع الخافض، أو هو مفعول به على تضمين الفعل معنى المبادرة، أفاده ابن هشام في المغني. والجملة الفعلية معطوفة على جواب (لو) لا محل لها مثله. {فَأَنّى:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر.

(أنى): اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب حال، عامله ما بعده. {يُبْصِرُونَ:}

فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط مقدر ب‍: «إذا» التقدير: وإذا طمسنا أعينهم؛ فكيف يبصرون طريقهم؟! والجملة الشرطية هذه معطوفة على (لو) ومدخولها، لا محل لها أيضا.

{وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اِسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧)}

الشرح: {وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ:} المسخ: تبديل الخلقة، وقلبها حجرا، أو جمادا، أو بهيمة، ومسخ أقوام من اليهود قردة وخنازير، كما رأيت في الآية رقم [١٦٢] من سورة (الأعراف) وما بعدها. {عَلى مَكانَتِهِمْ:} على مكاناتهم. قال الحسن: المعنى: لو نشاء لأقعدناهم، فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم، ولا يرجعوا وراءهم، وكذلك الجماد لا يتقدم، ولا يتأخر. {فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا:} ذهابا، وسيرا. {وَلا يَرْجِعُونَ} أي: لا يستطيعون رجوعا إلى الوراء بسبب مسخهم بشيء مما ذكر.

والمعنى: أنهم بكفرهم، ونقضهم ما عهد إليهم أحقاء بأن يفعل بهم ذلك، لكنّا لم نفعل لشمول الرحمة لهم، واقتضاء الحكمة إمهالهم. وهذا تهديد، ووعيد لأهل مكة. والمراد به في هذه الدنيا. وانظر ما اعتمدته في الآية الأولى.

الإعراب: {وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ:} الإعراب مثل الآية السابقة بلا فارق. {عَلى مَكانَتِهِمْ:} متعلقان في محل نصب حال من الضمير المنصوب؛ إذ المعنى لمسخناهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>