للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة نفر في اليوم، فخرج الرجل لبعض حاجته، ثمّ انصرف، وقد نقل الحجارة في ساعة. قال:

أحسنت، وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه».

قال: «ثمّ عرض للرجل سفر، فقال: إني أحبك أمينا، فاخلفني في أهلي خلافة حسنة.

قال: وأوصني بعمل. قال: إني أكره أن أشقّ عليك. قال: ليس يشقّ عليّ. قال: فاضرب من اللّبن بيتي حتى أقدم عليك». قال: «فمرّ الرجل لسفره». قال: «فرجع الرجل، وقد شيّد بناءه.

قال: أسألك بوجه الله ما سببك؟ وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، ووجه الله، أوقعني في هذه العبودية. فقال الخضر: سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله، فأمكنته من رقبتي، فباعني. وأخبرك: أنه من سئل بوجه الله، فردّ سائله، وهو يقدر وقف يوم القيامة جلدة، ولا لحم له يتقعقع. فقال له الرجل: آمنت بالله، شققت عليك يا نبيّ الله، ولم أعلم! قال: لا بأس! أحسنت، وأتقنت، فقال الرجل: بأبي أنت وأمي يا نبيّ الله! احكم في أهلي، ومالي بما شئت، أو اختر فأخلّي سبيلك.

قال: أحبّ أن تخلّي سبيلي، فأعبد ربي. فخلّي سبيله، فقال الخضر: الحمد لله الذي، أوثقني في العبودية، ثمّ نجّاني منها». انتهى. والله أعلم بصحة ذلك!.

{وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣)}

الشرح: {وَيَسْئَلُونَكَ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والسائل له كفار قريش بإيعاز من يهود المدينة كما رأيت في الآية رقم [٢٣] انظرها ففيها الكفاية. هذا؛ والسؤال هنا سؤال تعنت، وامتحان بخلافه في أول سورة (الأنفال) فإنه سؤال استفهام، واستفتاء، أما ذو القرنين؛ فقد قال القرطبي: قال ابن إسحاق: وكان من خبر ذي القرنين: أنه أوتي ما لم يؤت غيره، فمدت له الأسباب؛ حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها، لا يطأ أرضا إلا سلّط عليها؛ حتى انتهى من المشرق، والمغرب إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق. انتهى.

هذا؛ ولقد اختلف في اسمه: قيل: اسمه: مرزبان بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح، على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. قال ابن هشام: واسمه الإسكندر، وهو الذي بنى الإسكندرية بمصر، فنسبت إليه. وقيل: هو الإسكندر الملك اليوناني المقدوني. وقيل: اسمه هرمس، ويقال: اسمه هرديس. وقيل: إنّه عربي من حمير مع اختلاف في اسمه، وهو الذي افتخر به أحد شعراء حمير حيث يقول، وهو تبّع: [الكامل]

قد كان ذو القرنين جدّي مسلما... ملكا علا في الأرض غير مفنّد

بلغ المشارق والمغارب يبتغي... أسباب ملك من كريم مرشد

فرأى مآب الشمس عند غروبها... في عين ذي خلب وثأط حرمد

<<  <  ج: ص:  >  >>