للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلب: بضمتين الحمأة، وهي الطين، والثأطة: الحمأة المختلطة بالماء، فتزيد رطوبة، وتفسد، والحرمد: الطين الأسود.

واختلف فيه: هل هو نبي، أو ولي، فلقد سئل علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-عنه، أكان نبيا؟ فقال: لم يكن نبيا، ولا ملكا، ولكن كان عبدا صالحا أحب الله، فأحبه، وناصح الله، فناصحه الله، واختلف في زمانه، فقيل: كان بعد موسى. وقيل: كان في الفترة بعد عيسى. وقيل:

كان في وقت إبراهيم وإسماعيل، وكان الخضر عليه السّلام صاحب لوائه الأعظم، وكان السبب في حياة الخضر فيما حكي: أنه شرب من عين الحياة، وذلك: أن ذا القرنين دخل الظلمة لطلب عين الحياة، وكان الخضر على مقدمته، فوقع الخضر على العين، فاغتسل وشرب منها، وصلى شكرا لله تعالى، وأخطأ ذو القرنين الطريق فرجع. وذكرت لك فيما مضى: أنه قيل: إن الخضر، وإلياس حيّان يلتقيان كل سنة في الموسم؛ أي: موسم الحج. انظر الآية رقم [٦٥].

قال السهيلي: والظاهر من علم الأخبار: أنهما اثنان: أحدهما كان على عهد إبراهيم عليه السّلام، ويقال: إنه الذي قضى لإبراهيم عليه السّلام حين تحاكموا إليه في بئر السبع بالشام.

والآخر كان قريبا من عهد عيسى عليه السّلام. وقيل: إنه أفريدون الذي قتل بيوراسب بن أرونداسب الملك الطاغي، على عهد إبراهيم عليه السّلام. انتهى والله أعلم بالحقيقة.

وفي الجمل: ذو القرنين الأكبر، وهو ولي الله تعالى من أولاد سام بن نوح، وكان ابن عجوز ليس لها غيره، وكان أسود اللون، وكان على شريعة إبراهيم الخليل عليه السّلام، فإنه أسلم على يديه، ودعا له، وأوصاه بوصايا، وكان يطوف معه، وكان الخضر وزيره، فكان يسير معه على مقدمة جيشه، وهذا بخلاف ذي القرنين الأصغر فإنه من ولد العيص بن إسحاق، وكان كافرا عاش ألفا وستمائة سنة، وكان قبل المسيح بثلاثمائة سنة. انتهى. نقلا عن شيخه.

هذا؛ وقد روي: أن عدد من ملك الدنيا كلها أربعة: مؤمنان، وكافران، فالمؤمنان:

سليمان بن داود، وإسكندر ذو القرنين، والكافران: نمرود الذي ادعى الألوهية على عهد إبراهيم عليه السّلام، وبختنصر الذي خرب بيت المقدس، وأهلك بني إسرائيل، كما رأيت في الآية رقم [٥] من سورة (الإسراء)، وسيملكها من هذه الأمة خامس لقوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} وهو المهديّ في آخر الزمان، وحين نزول عيسى عليه السّلام. كذا في القرطبي.

واختلف في السبب الذي لقب به ب‍: «ذي القرنين» فقيل: إنه كان ذا ضفيرتين من شعر، فسمي بهما، والضفائر قرون الرأس، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الكامل]

فلثمت فاها آخذا بقرونها... شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج

وقيل: إنه سمي بذلك؛ لأنه بلغ المغرب، والمشرق، فكأنه حاز قرني الدنيا. وقيل: سمي بذلك؛ لأنه ملك فارس، والروم. وقيل: لأنه انقرض في أيامه قرنان من الناس. وقيل: كان

<<  <  ج: ص:  >  >>