للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصب انتهى. ورده ابن هشام بقوله: ويرده: أن الشرط له الصدر. {أَيْنَما:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بفعل شرطه على المعتمد، وبعضهم يعلقه بجوابه. وقيل: (ما) زائدة، فيكون مبنيا على الفتح. {ثُقِفُوا:} فعل ماض مبني للمجهول، مبني على الضم في محل جزم فعل الشرط، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية ابتدائية لا محل لها على تعليق الشرط به، وفي محل جر بإضافة {أَيْنَما} إليها على اعتبار الشرط متعلقا بجوابه. {أُخِذُوا:} جواب الشرط، وإعرابه مثل إعراب سابقه، وجملته لا محل لها؛ لأنها لم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية. {وَقُتِّلُوا:} معطوف على ما قبله، وهو مثله في إعرابه ومحله. {تَقْتِيلاً:} مفعول مطلق، والجملة الشرطية مستأنفة، لا محل لها.

{سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢)}

الشرح: {سُنَّةَ اللهِ..}. إلخ: أي سن الله ذلك في الأمم الماضية، وهو أن يقتل الذين نافقوا الأنبياء، حيث وسعوا في وهنهم وإضعافهم بالإرجاف، ونحوه، أينما وجدوا، وأينما حلوا. وعن مقاتل: يعني كما قتل أهل بدر وأسروا. {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً:} لأنه لا يبدلها، أو لا يقدر أحد أن يبدلها، وذلك لابتنائها على أساس الحكمة التي يدور عليها فلك التشريع، ومثل هذه الآية في معناها ومغزاها قوله تعالى في الآية رقم [٧٧] من سورة الإسراء، وهاكها: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً،} ومثلها الآية رقم [٤٣] من سورة (فاطر) انظرها فالبحث فيها جيد جدا.

قال القرطبي: وفي الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه صلّى الله عليه وسلّم حتى مات، والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم، وتأخير وعيدهم. انتهى. وقد بينات ذلك كثيرا.

هذا؛ والسنة: الشريعة، والطريقة، وهي تكون حسنة إن كانت في الخير، مثل صلاة التراويح عشرين ركعة. وتكون سيئة إن كانت في الشر. وما أكثر السنن السيئة التي ابتدعها الناس في هذا الزمن. وخذ ما يلي: فعن حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه-قال: سأل رجل على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأمسك القوم، ثم إنّ رجلا أعطاه، فأعطى القوم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«من سنّ خيرا فاستنّ به، كان له أجره، ومثل أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا. ومن سنّ شرّا، فاستنّ به، كان عليه وزره، ومثل أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا». رواه أحمد، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ورواه ابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وعن عمرو بن عوف-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لبلال بن الحارث يوما: «اعلم يا بلال! قال: ما أعلم يا رسول الله؟! قال: اعلم أنّ من أحيا سنّة من سنتي قد أميتت بعدي؛

<<  <  ج: ص:  >  >>