للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قطاة عزّها شرك فباتت... تجاذبه وقد علق الجناح

وانظر الآية رقم [٢٣] الآتية.

{وَشِقاقٍ:} أي: في إظهار خلاف، ومباينة. هذا؛ وللشقاق ثلاثة معان: أحدها: العداوة، كما في قوله تعالى حكاية عن قول شعيب-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-:

{وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي..}. رقم [٨٩] من سورة (هود). والثاني: الضلال، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ الظّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ} رقم [٥٣] من سورة (الحج). والثالث: الخلاف، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما..}. إلخ رقم [٣٥] من سورة (النساء). وأرى: أن المعاني الثلاثة صحيحة في هذه الآية.

هذا؛ والكفر: ستر الحق بالجحود، والإنكار، وكفر فلان النعمة، يكفرها كفرا، وكفورا، وكفرانا: إذا جحدها، وسترها، وأخفاها. وكفر الشيء: ستره، وغطاه. وسمي الكافر كافرا؛ لأنه يغطي نعم الله بجحدها، وعبادته غيره. وسمي الزارع كافرا؛ لأنه يلقي البذر في الأرض، ويغطيه، ويستره بالتراب. قال تعالى في تشبيه حال الدنيا: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ}.

وسمي الليل كافرا؛ لأنه يغطي، ويستر كل شيء بظلمته، قال لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه-في معلقته رقم [٦٥]: [الكامل]

حتّى إذا ألقت يدا في كافر... وأجنّ عورات الثّغور ظلامها

هذا؛ وأطلق لفظ الكافر على النهر، قال المتلمس حين ألقى الصحيفة في النهر: [الطويل]

وألقيتها بالثّني من جنب كافر... كذلك ألقي كلّ رأي مضلّل

رضيت لها بالماء لمّا رأيتها... يجول بها التّيّار في كلّ جدول

الإعراب: {بَلِ:} حرف عطف وإضراب. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {كَفَرُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {فِي عِزَّةٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ {وَشِقاقٍ:} معطوف على ما قبله، والجملة الاسمية معطوفة على جملة محذوفة، التقدير:

ما كفر به من كفر لخلل وجده فيه؛ بل الذين... إلخ، والكلام كله مستأنف لا محل له.

{كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣)}

الشرح: {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ:} هذا تخويف لأهل مكة من سوء عاقبة أمم قبلهم كانوا مثلهم، أو أشد قوة، وأكثر أموالا، وأولادا، فأهلكهم الله بسبب إعراضهم عن الحق، ومعاداتهم لرسلهم. {فَنادَوْا} أي: فاستغاثوا، واستجاروا عند نزول العذاب بهم طلبا للنجاة.

هذا؛ والنداء رفع الصوت، قال الشاعر أبو تمام: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>