للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَساطِيرُ:} خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: المنزل أساطير، وهذا على اعتبار {ماذا} مبتدأ بالإفراد، أو بالتركيب، وأما على اعتباره مفعولا مقدما، فيكون {أَساطِيرُ} مفعولا به لفعل محذوف موافقة، بين السؤال والجواب، كما في آية أخرى: {ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً} أي:

أنزل خيرا، وقد قال أبو البقاء: ويقرأ: «(أساطير)» بالنصب، ولم أجده لغيره، وعلى الاعتبارين فالجملة في محل نصب مقول القول، و {أَساطِيرُ:} مضاف، و {الْأَوَّلِينَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء، وجملة: {قالُوا..}. إلخ جواب إذا لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له.

{لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٢٥)}

الشرح: {لِيَحْمِلُوا..}. إلخ: أي: قالوا ما ذكر في الآية السابقة إضلالا للناس فحملوا، أوزارهم، وذنوبهم كاملة، وإنما قال سبحانه {كامِلَةً؛} لأن البلاء الذي أصابهم في الدنيا وأعمال البر التي عملوها، لا تكفر عنهم شيئا من آثامهم وسيئاتهم بخلاف المؤمنين، فإن البلاء يطهرهم من الأوزار، والسيئات، وكذلك فعلهم الخير يمحوها، كما قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «وأتبع السّيّئة الحسنة تمحها». {وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} أي: ويحملون من ذنوب وسيئات الذين كانوا سببا في إضلالهم، وهو كقوله تعالى في سورة (العنكبوت): {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ} رقم [١٣]. {ساءَ ما يَزِرُونَ:}

بئس ما يحملونه، ففيه تهديد، ووعيد.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا». أخرجه مسلم، انظر الآية رقم [١٣] من سورة (الحجر). {أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ} أي: بئس الوزر الذي يحملونه من دنياهم لآخرتهم.

هذا؛ و: «يزر» ماضيه وزر، والمصدر وزر بكسر الواو، وفتحها، وهو بمعنى: الإثم، والجمع، أوزار. هذا؛ والوزر بفتح الواو، والزاي الملجأ والمستغاث، قال تعالى: {كَلاّ لا وَزَرَ}.

هذا-وقد قال تعالى في سورة (الأنعام): {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ} الآية رقم [٣١] وحمل الذنوب بالمعنيين «الأوزار، والأثقال». قيل به: إن الكافر إذا خرج من قبره يوم القيامة يستقبله أقبح شيء صورة، وأنتنه ريحا، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: لا! فيقول: أنا عملك الخبيث طالما ركبتني في الدنيا، فأنا اليوم أركبك حتى أخزيك على رءوس الخلائق! فيركبه،

<<  <  ج: ص:  >  >>