سورة (السجدة)، وهي مكية غير ثلاث آيات نزلت بالمدينة؛ وهي قوله تعالى:{أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً..}. إلخ. قاله الكلبي، ومقاتل. وقال غيرهما: إلا خمس آيات من قوله تعالى:
{تَتَجافى جُنُوبُهُمْ} إلى قوله: {تُكَذِّبُونَ}. وهي ثلاثون آية، وثلاثمائة وثمانون كلمة، وألف وخمسمائة وثمانية عشر حرفا. وفي الصحيح عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: {الم (١) تَنْزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}.
أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم
الشرح: أعوذ: أتحصن، وأعتصم، وأستجير، وألتجئ. وعاذ فلان بفلان: لجأ إليه، واعتصم به. قال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ،}{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ،} وفي الحديث الشريف: «عذت بمعاذ» ومن أمثال العرب: «ذليل عاذ بقرملة» والقرملة: شجرة معروفة. ومعنى هذا المثل: أن الذليل قد لجأ إلى غير ملجأ، واعتصم بما لا يعصم، فهو ضد الحديث الذي ذكرته. وأصله: أعوذ على وزن: أنصر، فقل في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح، أولى بالحركة من حرف العلة. فنقلت حركة الواو إلى العين بعد سلب سكونها، فصار: أعوذ.
(الله): علم على الذات الواجب الوجود، المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به؛ أجاب، وإذا سئل به؛ أعطى، وإنما تخلفت الإجابة في بعض الأحيان عند الدعاء به؛ لتخلف شروط الإجابة؛ التي أعظمها أكل الحلال.
الشيطان: اسم يطلق على عدو الله إبليس، وقد يطلق على كل نفس عاتية خبيثة، خارجة عن الصراط المستقيم من الإنس، والجن، والحيوان، وما أكثر الشياطين بهذا المعنى من بني آدم! قال تعالى:{شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} الآية رقم [١١٢] من سورة (الأنعام)، وما أجدرك أن تنظر شرحها هناك.
قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأبي ذر الغفاري-رضي الله عنه-: «يا أبا ذرّ! تعوّذ بالله من شياطين الإنس والجنّ». قال: أو للإنس شياطين؟ قال:«نعم». ولا تنس: أن لكل واحد من الإنس شيطانا بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة-رضي الله عنها-: «أجاءك شيطانك؟». قالت: أولي شيطان؟ قال:
«ما من أحد، إلاّ وله شيطان». قالت: وأنت يا رسول الله؟ قال:«وأنا؛ إلاّ أنّني أعانني الله عليه فأسلم، فلا يأمر إلاّ بخير». بفتح الميم من الإسلام، وبضمها من السلامة.