هذا؛ والشيطان مأخوذ من: شطن إذا بعد. وقيل: مأخوذ من: شاط: إذا احترق، فعلى الأول هو مصروف؛ لأن النون أصلية، وعلى الثاني هو غير مصروف لزيادة الألف والنون، وشطن من باب: قعد، وشاط من باب ضرب. (الرجيم): فعيل بمعنى مفعول، أي: إنه مرجوم باللعن، وطرد عن الخير، وعن رحمة الله تعالى. وقيل: هو فعيل بمعنى فاعل، أي: يرجم غيره بالإغواء، والوسوسة.
بعد هذا لا يخفى عليك المعنى لهذه الجملة، وقد يعبر عن الجملة بكاملها بكلمة الاستعاذة على طريقة النحت، والنحت في الكلام: تركيب كلمة من كلمتين فأكثر، نحو البسملة، والحوقلة من:«لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم». والاسترجاع من:«إنّا لله وإنّا إليه راجعون».
والفذلكة من قولك:«فذلك كذا وكذا». وهلمّ جرّا.
قال الخازن: ومن لطائف الاستعاذة أن قوله: {(أَعُوذُ بِاللهِ...)} إلخ إقرار من العبد بالعجز، والضعف، واعتراف من العبد بقدرة الباري عزّ وجلّ، وأنه الغني القادر على دفع جميع المضرات، والآفات، واعتراف من العبد أيضا بأن الشيطان عدو مبين، ففي الاستعاذة لجوء إلى الله تعالى القادر على دفع وسوسة الشيطان الغوي الفاجر، وأنه لا يقدر على دفعه عن العبد إلا الله تعالى. والله أعلم. انتهى.
الإعراب:(أعوذ): فعل مضارع، والفاعل مستتر فيه وجوبا، تقديره:«أنا». (بالله): جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وإن علقتهما بمحذوف حال من الفاعل المستتر؛ فلا بأس، ويكون التقدير: أعوذ مستجيرا بالله. (من الشيطان): متعلقان بالفعل قبلهما. (الرجيم): صفة الشيطان مجرور مثله، ويجوز رفعه على أنه خبر لمبتدإ محذوف، ونصبه على أنه مفعول به لفعل محذوف، تقديره: أذم، وهذان الوجهان على القطع عن الإتباع، وجملة:(أعوذ...) إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الشرح:(اسم): اختلفوا في اشتقاقه، فقال البصريون: أصله: سمو، من السّموّ، وهو العلو والارتفاع، فاسم الشيء: ما علاه حتى ظهر به، وعلا عليه، فكأنه علا على معناه، وصار علما له، فحذفت لامه، وعوض عنها همزة الوصل في أوله. وقال الكوفيون: أصله: وسم من السّمة، وهي العلامة، فكأنه علامة لمسماه، حذفت فاؤه، وعوض عنها همزة الوصل. وحجة البصريين:
أنه لو كان اشتقاقه من السّمة؛ لكان تصغيره وسيم، وجمعه، أوسام؛ لأن التصغير، والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها، وقد أجمعوا على أن تصغيره سميّ، وجمعه: أسماء، وأسام.