بمحذوف حال من (نا) والعامل الاستفهام لما فيه من معنى الفعل. {وَقَدْ} الواو: واو الحال.
(قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {هَدانا:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {اللهِ،} و (نا): مفعول به أول. {سُبُلَنا:} مفعول به ثان، و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية: {(قَدْ هَدانا...)} إلخ في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو، والضمير، وهي حال متداخلة، والجملة الاسمية: {(ما لَنا...)} إلخ مستأنفة، وهي من مقول الرسل. {وَلَنَصْبِرَنَّ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم بالله، اللام:
واقعة في جواب القسم، (نصبرن): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه من مقول الرسل أيضا. وانظر سورة (الرعد)[٣٢]{عَلَى:} حرف جر. {ما:}
مصدرية، {آذَيْتُمُونا:} ماض مبني على السكون، والتاء فاعله، والميم علامة جمع الذكور، وحركت بالضم لتحسين اللفظ، فتولدت واو الإشباع، و (نا): مفعول به، وما والفاعل في تأويل مصدر في محل جر بعلى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، انظر الشرح. هذا؛ وأجيز اعتبار {ما} موصولة، والجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير: على الذي آذيتمونا به، وانظر إعراب مثل:{وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} في الآية السابقة.
الشرح:{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ..}. إلخ: حلف كفار الأمم السابقة على أحد أمرين مهدّدين لرسلهم: إما إخراجهم من بلدهم وأرضهم، أو عودهم إلى دينهم وطريقتهم، وهو يوهم بظاهره: أن الرسل كانوا على دين أقوامهم في أول الأمر حتى يعودوا فيها، وهذا محال في حق الرسل عليهم الصلاة والسّلام؛ لأنهم من أول نشأتهم نشئوا على التوحيد، وهو بمعنى: الصيرورة هنا؛ إذ المعنى: لتصيرن في ملتنا، وهذا التعبير مستعمل في كلام العرب، وفيه تأويل آخر، وهو أن الرسل قبل الرسالة لم يظهروا خلاف أممهم، فلما أرسلوا إليهم أظهروا مخالفتهم، ودعوهم إلى الله، فقالوا لهم: لتعودن في ملتنا ظنا منهم: أنهم كانوا على ملتهم، ثم خالفوهم، وقد تقدم مثل هذا في الآية رقم [٨٧] من سورة (الأعراف). {فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ:}
فأخبرهم ربهم بعد هذه المخاطبات، والمحاورات. {لَنُهْلِكَنَّ الظّالِمِينَ} أي: الكافرين.
هذا وأصل {لَتَعُودُنَّ:} لتعودننّ فحذفت نون الرفع لتوالي النونات، فصار: لتعودون فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة على الدال دليلا عليها.